الخميس 28 مارس 2024

ابن بطوطة : أمير الرحالين وصاحب تحفة النظار في غرائب الأمصار

تم التحديث في: 2022-04-30

في موضوع اليوم ” بحث عن حياة ابن بطوطة ” سنتحدث عن طائر حر طليق جعل من العالم بيتا له .. قرابة ثمانية وعشرين عاما من الرحلات المتوالية واسعة النطاق ، فمن طنجة إلى مصر ، ومن الشام إلى مكة ، ومن فارس إلى شرق إفريقيا ، ثم الصين وأفغانستان والهند …إنه بلا شك أمير الرحالين بدون منازع ، الرحالة المغربي الشهير ابن بطوطة .

من هو ابن بطوطة ؟

 

هو محمد بن عبد الله بن محمد اللواتي الطنجي الملقب بشمس الدين ، و المعروف بابن بطوطة ( ibn battuta ) ، رحالة ومؤرخ وقاضي عربي مسلم ، ولد بطنجة في فبراير سنة 1304 ، في كنف عائلة اشتهرت بالعلم ، و رغم أن ما وصلنا من معلومات عن هذه الشخصية الكبيرة قليل جدا ، إلا أننا نستنتج يقينا أنه كغيره من شباب ذلك الجيل نشأ في طلب العلم وحفظ القرآن ، وفي سنة 1325 قصد مكة للحج ، ومنها انطلقت أسفاره ورحلاته المشهورة .

لماذا سمي ابن بطوطة بهذا الاسم ؟

 

هناك روايتين مشهورتين عن سبب تسمية ابن بطوطة بهذا الاسم : الرواية الأولى ترجع ذلك إلى أمه التي كانت تسمى ” فطومة ” ، والتي كانوا يطلقون عليها ” بَـطُّوطَة ” في طفولتها – كاسم دلع – . وبعد أن تزوجت ورزقت بمحمد ، كانوا يطلقون عليه هذا اللقب ، فالتصق به .

أما الرواية الثانية ، فترجع أصل هذه التسمية إلى أحد أجداده الذي كان يسمى بطوطة بن حذيم الفارسي ، فأخذ هذا اللقب عنه .

 

رحلات ابن بطوطة

 

أكثر من 120000 كيلومتر ، هي المسافة التقريبية التي قطعها ابن بطوطة في رحلاته المختلفة لما يناهز ثمانية وعشرين سنه ، وهو رقم قياسي باعتبار مشقة السفر وانعدام وسائل النقل السريعة آنذاك . 

كان العرب رائدين في مجال العلوم والتجارة ، فكانوا يقطعون مشارق الأرض ومغاربها طلبا للعلم والتجارة ، إضافة إلى رحلات الحج الموسمية ، مما جعل من الرحلات طابعا مميزا ظل ساريا طوال العصور الذهبية الإسلامية ، لكن ابن بطُّوطة كان أكثرهم ولعا بالسفر والتجوال ، واستكشاف البلدان والأمصار ، والتعرف على عادات الشعوب وتقاليدها .

خرج ابن بطوطة للحج عام 1325 ، مرافقا إحدى القوافل التجارية ، وقد عرفت هذه الرحلة تعرجات وتوقفات ، فكانت بدايته في مصر ثم القدس فالشام إلى أن وصل مكة فأتم حجه ، وبعدها توجه الطائر الرحالة عبر الصحراء العربية إلى بلاد فارس ثم بلاد الروم ، ومنها إلى الأفغان والهند أين تولى وظيفة القضاء هنالك لمدة عامين ، وهذا يدل على غزارة علم وتدين هذا الرحالة الكبير .

بعدها توجه إلى بلاد الصين ، ثم عاد إلى مدينة فاس حيث استقر مدة قبل أن يقوم برحلة أخرى إلى إسبانيا والسودان .

الاماكن التي زارها ابن بطوطة

وفي ما يلي قائمة تضم أشهر البلدان التي زارها رحالتنا الكبير :

– الجزائر .

– تونس .

– ليبيا .

– مصر .

– فلسطين .

– لبنان .

– الأردن .

– سوريا .

– تركيا .

– السعودية .

– اليمن .

– سلطنة عمان .

– البحرين .

– العراق .

– إيران .

– الصومال .

– السودان .

– تنزانيا .

– كينيا .

– روسيا .

– كازخستنان .

– أوزبكستنان .

– أفغانستان .

– الهند .

– جزر المالديف .

– سري لانكا .

– الصين .

– إسبانيا .

 

مؤلفات ابن بطوطة

 

رحلته المسماة ‘ تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار ‘ ، الكتاب الوحيد البارز الذي نقل عن رحالتنا ، إذ يُعد موسوعة جغرافية اجتماعية روى فيها وأرّخ ما لاقاه في رحلاته من عجائب وغرائب . ويرى المحققون أن ابن بطوطة لم يكن أديبا أو مؤلفا ، لأن كتابه المشهور كان من تدوين كاتب أمير مراكش السلطان أبو عنان المريني ، والكاتب هو محمد بن جزي الكلبي .

 وكان ابن بطوطة يملي على الكاتب ويصف رحلاته ، وهنا يرى المحققون أن المنطق الأدبي يقوم على أن يكتب ابن بطوطة رحلاته بيده كما جرت عادة الأدباء ، ناهيك على أنهم لم يجدوا له أي مذكرات ، لكن البعض الآخر يرى أن ابن بطوطه قد كتب مذكراته حقا لكنها ضاعت خلال رحلته ، وعلى كل حال فالفائدة العظمى من كل هذا هو وصول هذا الكتاب الثمين إلينا وإلا لم نكن نعرف شيئا عن هذا الرحالة الكبير وأخبار رحلاته .

وكانت لرحلاته من الشهرة ما فاق الحدود ، حيث ترجمت إلى الفرنسية والإنجليزية والألمانية والتركية والهندية ، كما طبع كتابه طبعات متعددة في باريس ومصر .

 

رحلات ابن بطوطَة بين الحقيقة والوهم !

 

مما لا شك فيه أن معظم رحلات ابن بطوطة التي سجلها في كتابه تحفة النظار ، شكلت موسوعة جغرافية لما قدمته من معلومات غزيرة كشفت الضوء على عادات الشعوب وثقافاتها ، لكن يرى بعض الباحثين أنه سقط كثيرا في المغالات في أقواله والإكثار من ذكر بعض القصص والغرائب التي لا تعدو أضاليل وأوهام ، بل يؤكد بعض النقاد أنه لم يصل إلى الصين أصلا .

وبالنظر إلى طبيعة رحالتنا الطيبة البسيطة فإنه من الطبيعي أن نجد بعض المبالغات في رحلاته دون أن تنقصه من أهميتها شيئا ، وفي ذلك يقول الدكتور أحمد الشنواني : ‘ ولكن الرجل على فضله وعلمه ، يتميز بشيء غير قليل من البساطة ، وربما تصل إلى السذاجة في بعض الأحيان ، فهو يصدق الكثير من الأساطير التي لا يقبلها عقل ، ويعتقد في صحة كرامات الدراويش التي رويت له ، وربما كان مرد ذلك أن الرجل بحكم نشأته الدينية كان تقيا ورعا ، يعظم الأتقياء والصالحين ، ويزور قبورهم للتبرك بهم ‘ .

ويقول الأديب المؤرخ حنا الفاخوري : ‘ ومهما يكن من أمر فإن ابن بطوطة قد أضاع في رحلته الاولى ما دوّنه من معلومات فلا عجب إن قصّر في بعض التحقيقات والتحريات ، وهو يروي ما يروي في سذاجة وفكاهة ، وفي لغة سهلة تنحط أحيانا إلى الركاكة . وهو يعد من المصادر الهامة لعلم الجغرافية ، وله الفضل الأكبر على من كتب بعده في هذا الموضوع ‘ .

بالمقابل  تناول الكاتب والصحفي ماهر أبو طير شخصية ابن بطوطة بميزان النقد ، حيث قال : ” … فوق هذا تأتي إشاراته التي ُتكرس الشركيات والغيبيات ، وتؤطرها باعتبارها جزءا من الدين ، عبر مبالغاته في الحديث عن الأولياء الذين يلتقي بهم ، ومن يمتلكون قدرات خارقة من غير المسلمين … وهذا تكريس لغياب العقل ، لصالح غامض الغيب ، ولربما إحلال للخرافة مكان العقل ” .

 

وفاة ابن بطوطة

 

استقر الرحالة الكبير أخيرا بفارس حيث لبى دعوة سلطان المغرب أبي عنان ، وقضى هناك ثلاثا وعشرين سنة ، لم يصلنا منها أي خبر سوى أنه كان محفوفا بعناية السلطان وكرمه ، وانتقل إلى جوار ربه سنة 1377 عن سن يناهز 74 سنة ، قضى أكثرها يجوب العالم ويكتشف خفاياه وأسراره ، فكان من أعظم الرحالة على مر العصور ، وكانت رحلاته من أكبر وأهم مصادر التاريخ و الجغرافيا .

مراجع ومصادر :

– تاريخ الأدب العربي ( حنا الفاخوري ) .

– موسوعة عباقرة الحضارة العلمية في الإسلام ( أحمد محمد الشنواني ) .

القراءة الغائبة لمرويات ابن بطوطة .

عن Amjad Bora

تعليق واحد

  1. صالح غرناوط

    شكرا