الحكمة فن من فنون الشعر العربي ظهر مبعثرا في قصائد العصر الجاهلي ثم نما حتى أصبح فنا مستقلا تنظم فيه القصائد الطوال .
وقد زخر الشعر العربي بالحكم المستمدة من واقع الحياة العربية بالإضافة لما استمده الشعراء العرب من الكتب المترجمة الغنية بالأمثال وبالآداب، فاقتبسوا منها ونظموا على منوالها .
وفي موضوع اليوم ، اخترنا لكم باقة من أجمل أبيات الشعر الفصيح في الحكمة ، لأناس وعت عقولهم وقلوبهم عمق الكلام ، وعلمتهم تجارب الأيام .
محتويات
أجمل أبيات الشعر الفصيح في الحكمة ( 1 )
قال أحمد شوقي في التأني وعدم العجلة :
ولو تأنى نال ما تمنى * وعاش طول عمره مُهنّا
وفي نفس الموضوع قال الشاعر القروي :
إذا رُمتَ أمرا فلا تعجلن * وإلا ندمت على فعله
فما عثرت المرء قتالة * إذا كان يمشي على مهله
قال القطامي :
قد يدرك المتأني بعض حاجته * وقد يكون مع المستعجل الزلل
قال أحمد الوراق في التسامح والإحسان :
إني شكرت لظالمي ظلمى * وغفرت ذاك له على علمي
ورأيته أسدى إلي يدا * لما أبان بجهله حلمي
رجعت إسائته عليه وإحسا * ني فعاد مضاعف الجُرم
وغدوت ذا أجر ومحمدة * وغدا بكسب الظلم والإثم
فكأنما الإحسان كان له * وأنا المسيء إليه في الحكم
ما زال يظلمني وأرحمه * حتى بكيت له من الظلم
قال أبو العتاهية :
كم من سفيه غاظني سفها * فشفيت نفسي منه بالحلم
وكفيت نفسي ظلم عاديتي * ومنحت صفو مودتي سلمي
ولقد رزقتُ لظالمي غلظا * ورحمته إذا لج في ظلمي
قال دعبل الخزاعي :
تأنّ ولا تعجل بلومك صاحبا * لعل له عذرا وأنت تلوم
أجمل أبيات الشعر الفصيح في الحكمة ( 2 )
قال أبو الفتح البستي :
أحسن إلى الناس تستعبد قلوبهم * فطالما استعبد الإنسان إحسان
قال حفني ناصف :
ولربما كَدَحَ الحَكيمُ لفِكرة * وسِواهُ أدركها بأول نظرة
قال أحمد الكيواني :
كم حكمة عند الغَبِي كأنها * رَيْحانة في راحةِ المزكومِ
بسمَتْ محاسنُها لوجه كالح * ما أضيعَ المرآةَ عند البومِ
قال الزهاوي :
إِن الحكيمَ إِذا ما فتنة نجمتْ * هو الذي بحبالِ الصبرِ يمتسك
لا يرأسُ الناس في عصر نعيش به * إِلا الذي لقلوبِ الناسِ يمتلِك
قال الشافعي :
وعاشر بمعروف وسامح من اعتدى * وفارق ولكن بالتي هي أحسن
وقال أيضا :
لا يدركُ الحِكْمةَ من عْمرُه * يكدحُ في مصلحةِ الأهل
ولا يَنَالُ العلمَ إِلا فتى * خال من الأفكارِ والشغل
لو أن لقمانَ الحكيمَ الذي * سارَتْ به الركبانُ بالفضل
بُلي بفقرٍ وعيالٍ لما * فرَّقَ بين التَّبْنِ والبقَل
قال ابن المعتز في الصبر على كيد الحسود :
اصبر على كيد الحسود * فإن صبرك قاتله
كالنار تأكل بعضها * إن لم تجد ما تأكله
قال بشار بن برد في الخيانة والنفاق :
أنت في معشر إن غبت عنهم * بدلوا كل ما يزينك شينا
وإذا ما رأوك قالوا جميعا * أنت من أكرم البرايا علينا
أجمل أبيات الشعر الفصيح في الحكمة ( 3 )
قال عنترة بن شداد :
وكل قريب لي بعيد مودة * وكل صديق بين أضلعه حقد
قال المتنبي في الأصدقاء :
شر البلاد مكان لا صديق به * وشر ما يُكسب الإنسان ما يصم
قال ناصيف اليازجي :
أعدى العداة صديق في الرخاء فإن * طلبته في أوان الضيق لم تجد
قال صالح بن عبد القدوس في الجد والاجتهاد :
والناس في طلب المعاش وإنما * بالجد يُرزق منهم من يُرزق
وقال أبو تمام :
بَصُرتَ بالراحة الكبرى فلم ترها * تُنال إلا على جسر من التعب
قال أحمد شوقي :
بقدر الكد تُكتسب المعالي * ومن طلب العلى سهر الليالي
قال الإمام علي – رضي الله عنه – :
يُمَثِّلُ ذو الحزمِ في نفسه * مَصَائِبَهُ قَبْلَ أَنْ تَنْزِلا
فإن نزلت بغتة لم ترعه * لِمَا كانَ في نِفْسِهِ مَثَّلا
رَأَى الأَمْرَ يُفْضِي إلى آخر * فَصَيَّرَ آخِرَهُ أَوّلاَ
وَذُو الجَهْلِ يأْمَنُ أَيَّامَهُ * وَيَنْسى مَصَارِعَ مَنْ قَدْ خَلا
فإن بدهته صروف الزمان * بِبَعْضِ مَصَائِبِهِ أَعْوَلا
ولو قدّم الحزم في نفسه * لعلّمه الصبر عند البلا
أجمل أبيات الشعر الفصيح في الحكمة ( 4 )
قال لبيد بن ربيعة في بيته الخالد :
ألا كل شيء ما خلا الله باطل * وكل نعيم ، لا محالة زائل
قال أبو البقاء الرندي :
لكل شيء إذا ما تم نقصان * فلا يُغر بطيب العيش إنسان
هي الأمور كما شاهدتها دول * من سره زمن ساءته أزمان
وهذه الدار لا تبقي على أحد * ولا يدوم على حال لها شان
قال البوصيري في قصيدة البردة المشهورة :
والنفس كالطفل إن تهمله شب على * حب الرضاع وإن تفطمه ينفطم
فاصرف هواها وحاذر أن توليه * إن الهوى ما تولى يصم أو يصم
واخش الدسائس من جوع ومن شبع * فرب مخمصة شر من التخم
وخالف النفس والشيطان واعصهما * وإن هما محضاك النصح فاتهم
ونختم بأبيات ابن دريد في نعمة العقل :
و أفضل قسم الله للمرءِ عقلهُ * فَلَيْسَ مِنَ الخَيْرَاتِ شَيْءٌ يُقَارِبُهْ
يزين الفتى في الناس صحة عقله * وإِنْ كَانَ مَحْظُورا عَلَيْهِ مَكَاسِبُهْ
يعيش الفتى بالعقل في كل بلدة * على العقل يجري علمهُ وتجاربه
ويُزرى به في الناس قلة عقله * وإن كرُمت أعراقه ومناسبه
إِذَا أَكْمَلَ الرَّحْمَانُ لِلْمَرْءِ عَقْلَهُ * فقد كملتْ أخلاقه ومآربه