لقد كان الشعر العربي ولا يزال مواكبا لكل حدث أو مناسبة ، فبفضل ملكة الشاعر الكبيرة في خلق الكلمات ، واستنباط المعاني ، استطاع أن يأتي بالقصائد والأبيات في شتى المواضيع والمواقف الشخصية والاجتماعية التي تحيط به .
وفي موضوع اليوم اخترنا لكم مجموعة من أجمل أبيات شعر عن المرض ، لشعراء كانت لهم صولات وجولات ، مع الداء والسهر ، والشكوى والألم .
أبيات شعر عن المرض ( 1 )
قال الشريف المرتضى :
وداوِ الداءَ قبلَ تقولُ فيه * طَبيبُ الداءِ أعيا فاستطارا
فإِن الحربَ مَنْشَؤُها حَديثٌ * وكان الشَرُّ مبدؤهُ ضمارا
وربَّ ضغائنٍ حقرتْ لقومٍ * رأينا من نتائجِها الكبارا
وقال أيضا :
ومن عَجائبَ أمري أنني أبدا * أريدُ من صحتي ما ليس يبقى لي
هل صحةٌ من سقامٍ لا دواءَ له ؟ * وكيفَ أبقى ولما يبقَ أمثالي
وما أريدُ سوى عينِ المحالِ فلا * سبيلَ يوماً إِلى تبليغِ آمالي
قال علي بن أبي طالب – رضي الله عنه – :
دَوَاؤكَ فيكَ وما تَشْعُرُ * ودواؤكَ منكَ وما تبصرُ
وتحسبُ أنكَ جرمٌ صغيرٌ * وفيك انطوى العالمُ الأكبرُ
قال أحمد شوقي :
عَجِبْتُ لشارحٍ سببَ المنايا * يسمى الداءَ والعِلَلَ الوِجعا
ولم تكنِ الحُتوفُ مَحَلَ شكٍ * ولا الآجالُ تحتملُ النَّزاعا
ولكن صُيَّدٌ ولها بُزاةٌ * ترى السرطانَ منها والصُّداعا
قال النحاس :
وأرى التولعَ بالدخانِ وشربهِ * عونا لكامنِ لوعة الأحشاءِ
قال الحسين البغدادي :
صحةُ المرءِ للسقامِ طريقٌ * وطريقُ الفناء هذا البقاءُ
بالذي نتغذي نَمُوتُ ونَحْيا * أقتلُ الداءِ للنفوسِ الدواءُ
قبحَ اللهُ لذةً لشقانا * نالَها الأمهاتُ والأباءُ
نحنُ لولا الوجودُ لم نألمِ الفقرَ * فإِيجادُنا علينا بلاءُ
أبيات شعر عن المرض ( 2 )
قال أبو بكر زهر :
حيلةُ البرءِ صنفتْ لعليلٍ * يرتجى الحياةَ أو لعليلةْ
فإِذا جاءتِ المنيةُ قالَتْ * حيلةُ البُرْءِ ليس حيلةْ
قال خليل مطران :
إِذا ما الداءُ أقعدَ جسمَ حَيّ * أنشطُ روحُه وبها عقالُ؟
لكلِ داءٍ دواءٌ ممكنٌ أبدا * إِلا إِذا امتزجَ الإِقتارُ بالكسلِ
قال ابن نباته :
نعلَّلُ بالدواءِ إِذا مَرِضْنا * وهل يشفي من الموتِ الدواءُ ؟
ونختارُ الطبيبَ، وهل طبيبٌ * يؤخرُ ما يقدمهُ القضاءُ
وما أنفاسُنا إِلا حسابٌ * وما حركاتُنا إِلا فناءُ
قال محمود الوراق :
وكم من مريضٍ نعاهُ الطبيبُ * إِلى نفسِه وتَوَلىَّ كئيبا
فماتَ الطبيبُ وعاشَ المريضُ * فأضحى إِلى الناسِ ينعى الطبيبا
قال حفني ناصف :
لا تأسينَّ على ما كان من مَرَض * فربَّ جسمٍ بداءٍ قد عرا صَلُحا
أما ترى البدرَ يعرو جسمَه سقم * وينثني بوشاحِ الحُسْنِ مُتَّشِحا
قال عدي البسامي :
وصحيحٌ أضحى يعودُ مريضا * وهو أدنى للموتِ ممن يعودُ
كم من عليلٍ قد تخطاه الردى * فنجا وماتَ طبيبُه والعُوَّدُ
قال المعري :
لا تُضجرنَّ مريضاً جئتَ عائدهُ * إِن العيادةَ يومٌ إِثرَ يومينِ
بل سَلْهُ عن حاله وادعُ الإِلهَ له * واقعدْ بقدرِ فُواق بين حلبين
من زارَ غِبا أخا دامَتْ مودتُه * وكان ذاكَ صلاحا للخليلين
قال الضحاك :
ما أنعم الله على عبده * بنعمة أوفى من العافيه
وكل من عُوفيَ في جسمه * فإنه في عيشة راضيه
أبيات شعر عن المرض ( 3 )
قال عبد القادر الرياحي :
ويَشْفِي شفاءٌ ثم فيه شِفَاءُ * وننزل يَشْفيني هُدىً وشِفَاءُ
فذي ستّ آيات إذا ما كتبتها * لذي مَرَض مُضْنًى فهنّ شِفَاءُ
يا رحيما بالمؤمنين إذا ما * ذهلت عن أبنائها الرحماء
يا إلاهي وأنت نِعْمَ اللّجاءُ * عَافِنَا واشفِنا فمنك الشّفاءُ
ونختم برائعة المتنبي ” بنت الدهر ” ، حيث يشتكي من الحمى ، فيقول :
وَزَائِرَتي كَأنّ بهَا حَيَاءً * فَلَيسَ تَزُورُ إلاّ في الظّلامِ
بَذَلْتُ لهَا المَطَارِفَ وَالحَشَايَا * فَعَافَتْهَا وَبَاتَتْ في عِظامي
يَضِيقُ الجِلْدُ عَنْ نَفَسي وَعَنها * فَتُوسِعُهُ بِأنْوَاعِ السّقَامِ
إِذا ما فارَقَتني غَسَّلَتني * كَأَنّا عاكِفانِ عَلى حَرامِ
كأنّ الصّبْحَ يَطرُدُها فتَجرِي * مَدامِعُهَا بأرْبَعَةٍ سِجَامِ
أُرَاقِبُ وَقْتَهَا مِنْ غَيرِ شَوْقٍ * مُرَاقَبَةَ المَشُوقِ المُسْتَهَامِ
وَيَصْدُقُ وَعْدُهَا وَالصّدْقُ شرٌّ * إذا ألْقَاكَ في الكُرَبِ العِظامِ
أبِنْتَ الدّهْرِ عِندي كُلُّ بِنْتٍ * فكَيفَ وَصَلْتِ أنتِ منَ الزّحامِ
جَرَحْتِ مُجَرَّحا لم يَبقَ فيهِ * مَكانٌ للسّيُوفِ وَلا السّهَامِ
ألا يا لَيتَ شِعرَ يَدي أتُمْسِي * تَصَرَّفُ في عِنَانٍ أوْ زِمَامِ
وَهَلْ أرْمي هَوَايَ بِرَاقِصَاتٍ * مُحَلاّةِ المَقَاوِدِ باللُّغَامِ
فَرُبَّتمَا شَفَيْتُ غَليلَ صَدْرِي * بسَيرٍ أوْ قَنَاةٍ أوْ حُسَامِ
يَقُولُ ليَ الطّبيبُ أكَلْتَ شَيئا * وَداؤكَ في شَرَابِكَ وَالطّعامِ
وَمَا في طِبّهِ أنّي جَوَادٌ * أضَرَّ بجِسْمِهِ طُولُ الجَمَامِ
فإنْ أمرَضْ فما مرِضَ اصْطِباري * وَإنْ أُحْمَمْ فَمَا حُمَّ اعتزَامي
وَإنْ أسْلَمْ فَمَا أبْقَى وَلَكِنْ * سَلِمْتُ مِنَ الحِمامِ إلى الحِمامِ
تَمَتّعْ مِنْ سُهَادٍ أوْ رُقَادٍ وَلا * تَأمُلْ كرًى تحتَ الرِّجَامِ
فإنّ لِثَالِثِ الحَالَينِ مَعْنًى * سِوَى مَعنَى انتِباهِكَ وَالمَنَامِ