الثلاثاء 16 أبريل 2024

شعر عن حب الوطن لأحمد شوقي : ارتباط مقدس ، وعاطفة وطنية صادقة

تم التحديث في: 2022-04-30

لطالما كان الوطن جوهرة غالية ونفيسة في قلب ووجدان أمير الشعراء أحمد شوقي ، فهو يقدس الوطن تقديسا ، ويتكلم عن العاطفة الوطنية كعقيدة دينية ، لا تقبل المساومة ولا التغيير ، وسنعرض لكم فيما يلي باقة مختارة من روائع أحمد شوقي في حب الوطن .

 

شعر عن حب الوطن لأحمد شوقي ( 1 )

أيا وَطَني لَقَيتُكَ بَعدَ يَأس

كَأَنّي قَد لَقيتُ بِكَ الشَبابا

وَكُلُّ مُسافِرٍ سَيَئوبُ يَوما

إِذا رُزِقَ السَلامَةَ وَالإِيابا

وَلَو أَنّي دُعيتُ لَكُنتَ ديني

عَلَيه أُقابِلُ الحَتمَ المُجابا

أُديرُ إِلَيكَ قَبلَ البَيتِ وَجهي

إِذا فُهتُ الشَهادَةَ وَالمَتابا

وسلا مصرَ : هل سلا القلبُ عنها  *  أَو أَسا جُرحَه الزمان المؤسّي ؟

كلما مرّت الليالي عليه  *  رقَّ ، والعهدُ في الليالي تقسِّي

مُستَطارٌ إذا البواخِرُ رنَّتْ   *  أَولَ الليلِ ، أَو عَوَتْ بعد جَرْس

راهبٌ في الضلوع للسفنِ فَطْن  *  كلما ثُرْنَ شاعَهن بنَقسْ

وَطَني لَو شُغِلتُ بِالخُلدِ عَنهُ   *  نازَعَتني إِلَيهِ في الخُلدِ نَفسي

***

جعلتُ حُلاها وتمثالها   *  عيونَ القوافي وأمثالها

وأَرسلتُها في سماءِ الخيال   *  تجرُّ على النجم أذيالها

وإني لغِرِّيدُ هذي البطاح  *  تَغَذَّى جَناها وسَلْسالها

ترى مصر كعبة أشعاره  *  وكلِّ معلقة قالها

وتلمَحُ بين بيوتِ القصيدِ   *  جحالَ العروسِ وأحجالها

***

وَلِلأَوطانِ في دَمِ كُلِّ حُرٍّ   *  يَدٌ سَلَفَت وَدَينٌ مُستَحِقُّ

وَمَن يَسقى وَيَشرَبُ بِالمَنايا   *  إِذا الأَحرارُ لَم يُسقوا وَيَسقوا

وَلا يَبني المَمالِكَ كَالضَحايا     وَلا يُدني الحُقوقَ وَلا يُحِقُّ

فَفي القَتلى لِأَجيالٍ حَياةٌ   *  وَفي الأَسرى فِدًى لَهُمُ وَعِتقُ

وَلِلحُرِّيَّةِ الحَمراءِ بابٌ   *  بِكُلِّ يَدٍ مُضَرَّجَةٍ يُدَقُّ

شعر عن حب الوطن لأحمد شوقي ( 2 )

 

لك كالمعابد روعة قدسية  *  وعليك روحانية العباد

أسست من أحلامهم بقواعد  *  ورفعت من أخلاقهم بعماد

تلك الرمال بجانبيك بقية  *  من نعمة وسماحة ورماد

إن نحن أكرمنا النزيل حيالها  *  فالضيف عندك موضع الإرفاد

هذا الأمين بحائطيك مطوفا  *  متقدم الحجاج والوفاد

إن يعده منك الخلود فشعره  *  باق وليس بيانه لنفاد

قم قبل الأحجار والأيدي التي  *  أخذت لها عهدا من الآباد

وخذ النبوغ عن الكنانة إنها  *  مهد الشموس ومسقط الآراد

***

أبا الهول ما أنت في المعضلات  *  لقد ضلت السبل فيك الفكر

تحيرت البدو ماذا تكون  *  وضلت بوادي الظنون الحضر

أبا الهول ويحك لا يستقل  *  مع الدهر شي ولا يحتقر

تهزأت دهر آبديك الصباح  *  فنقرعينيك فيما نقر 

اسأل البياض وسل السواد  *  وأوغل منقاره في الحفر

كأن الرمال على جانبيك  *  وبين يديك ذنوب البشر

كأنك فيها لواء الفضاء  *  على الأرض اوديدبان القدر

***

من أيِّ عهد في القُرى تتدفـقُ  *  وبـأيَّ كفٍ في المدائنِ تُغدِقُ 

ومن السماءِ نَزَلتَ أم فُجِّرتَ من  *  عُليـا الجنان جداولا  تَتَرقرَقُ 

والماءُ تسكُبهُ فيُسبكُ عَسجَدا  *  والأرضُ تُغرِقُـها فيحيا المُغْرَقُ 

تُعيي مَنابِعكَ العُقُـولَ ويستوي  *  مُتَخَبِِطٌ في عِلمِها ومُحَقِقُ 

يا نيلُ أنتَ بطيبِ ما نَعَتَ الهُدى  *  وبمِدحة التوراةِ أحرى أخـلَقُ 

أصل الحضارة ِفي صعيدكَ ثابتُ  *  ونباتُها حَسنٌ عليكَ مُخــلَّقُ 

مَلأت ديارك َ حِكمَة ً مَأثُورها  *  في الصخرِ والبردي الكريمِ مُنَمَّقُ 

شعر عن حب الوطن لأحمد شوقي ( 3 )

 

واخفض جناحك في الارض التي حملت  *  موسى رضيعا وعيسى الطهر منفطما

وأخرجت حكمة الأجيال خالدة  *  وبينت للعباد السيف والقلما

وشرفت بملوك ما دام اتخذوا  *  مطيهم من ملوك الارض والخدما

هذا فضاء تلم الريح خاشعة  *  به ويمشي عليه الزمن محتشما

***

أرى وطـــنا تحيّر ناشئوه  *  فما يجدون من عمل قواما 

فلا أسس التجارة فيه قرت  *  ولا ركن الصناعة فيه قاما

مدارس لم تهيئهم لكسـب  *  ولم تــبن الحــياة ولا النظاما 

***

وطن يرف هوى إلى شبانه  *  كالروض رقته على ريحانه 

هم نظم حليته ، وجوهر عقده   *  والعقد قيمته يتيم جمانه 

يرجو الربيع بهم ، ويأمل دولة   *  من حسنه ومن اعتدال زمانه 

من عاب منهم لم يغب عن   *  سمعه وضميره ، وفؤاده ولسانه

***

قل للشباب بمصر : عصركم بطل     بكل غاية إقــدام له ولــع 

أس الممالك فيه همة وحجى   *  لا الترهات لها أس ولا الخـدع 

إن الشباب غد ، فليهدهم لغد   *  وللمسالك فيه الناصــح الورع 

لا يمنعنكمو بر الأبوة أن   *  يكون صنعكمو غير الذي صنعوا 

مصادر :

– الشوقيات ( أحمد شوقي ) .

عن Amjad Bora