الجمعة 19 أبريل 2024

على نفسها جنت براقش : بل جنت على أهلها فقُتلوا !

تم التحديث في: 2023-02-02

كم هو جميل أن تعيش في أمان هانئا بطيب العيش ، وصفاء الاستقرار ، لكن تخيل أن يهاجمك عدو فجأة ، ويريد الفتك بك وبأهلك ، فتهرع هاربا تطلب النجاة بحياتك ، وحين تقترب أن تتحقق هذه الفرصة ، يقوم أحدهم بتصرف ليس في الحسبان فيتسبب بطريقة غير مباشرة في كشفكم وفضحكم ، وهذا ما قامت به براقش !

 

كلبة تحرس قوما 

حسب المصادر  كتاب ‘ الأمثال للميداني ‘ و كتاب ‘ الفاخر في الأمثال للمفضل ‘  ، فإن القصة التي اشتهرت بهذا المثل تعود لقبيلة صغيرة على الأغلب في العصر الجاهلي ، كانت تعيش في سلم وسلام ، وأمن وأمان ، وكانت لأهل هذه القبيلة كلبة تدعى براقش ، تذوذ عن أغنامهم في المرعى من الذئاب المفترسة ، وتحرسهم ليلا وهم نيام .

وحدث ذات ليلة أن أغار عليهم مجموعة من الصعاليك الذين ينهبون ويقتلون دون رحمة ، فهرب أهل القبيلة قبل أن يدركهم الأعداء ، وبخصوص طريقة هروبهم ، فعلى الأرجح أن الكلبة براقش أحست بالخطر قبل قدومه ، أو أن أحد سكّان القبيلة لمحهم من بعيد فأبلغ قومه فهربوا .

فأخذ الصعاليك يتتبعون آثارهم دون جدوى ، وقد أوشكوا على أن يرجعوا إلى أوكارهم بعدما أيقنوا بهروب أهل القبيلة وبالتالي فشل غارتهم ، لكن جرت الرياح بما اشتهت سفنهم ، وكانت على النقيض عند أهل براقش .

فبينما هم هاربون والخوف يملأ صدورهم وقلوبهم ، إذ بنباح براقش يهز المكان ، ويبدد سكون الليل الهادئ ، فحاول القوم أن ينهروا الكلبة بكل ما أوتوا من حيلة عن النباح ، لكنها زادت في نباحها واشتد ذلك حتى وصل إلى مسامع العدو ، فتتبعوا مصدر النباح حتى عثروا على أهل القبيلة فنهبوهم وقتلوهم . فأضحت هذه القصة مثلا لكل من عمل عملا يجني به على نفسه أو غيره .

يقول الشاعر :

لم تكن عن جناية لحقتني   لا يساري ولا يميني رمتني

بل جناها أخ عليّ كريم   وعلى أهلها براقش تجني

وبما أن براقش كلبة ، فعلى الأغلب أن اللصوص تركوها ولم يهتموا بقتلها ، أو أنها نفذت بجلدها بعد أن جنت على قومها .

 

كم من براقش في واقعنا

 

وكم من براقش في واقعنا جنت ولا تزال ، مع أن طبيعة براقش هنا تتعدى الجنس والأصل ، فكم من براقش جنى على نفسه ، وكم من براقش جنى على أهله ، وكم من براقش جنى على أفكاره ، وكم من براقش جنى على أخلاقه ، وكم من براقش جنى على وطنه ، وكم من براقش جنى على الأمة ككل !

وتحضرني هنا واقعة تختص بهذا المثل ، وكان ذلك في إحدى مباريات كرة القدم ، وجمعت بين فريقين متمرسين . وكانت المقابلة مشتدة ، وكل فريق حرص على حماية شباكه بكل ما أوتي من قوة وتركيز .

وفي الدقائق الأخيرة للمباراة ، سدّد أحد اللاعبين بكل قوته مستهدفا شباك الفريق الخصم ، وبمهارة عالية قام الحارس بصدّ الكرة فرماها باتجاه أحد المدافعين الذين كانوا قبالته ، فأراد ذلك المدافع أن يلتقط الكرة بحركة فنية برأسه ، لكنه صدم الكرة وأدخلها في شباكه ، فسجل هدفا قاتلا ، وأهدى منافسه هدفا لم يحلموا به حتى .

فقال المعلق متعجبا وساخرا : على أهلها جنت براقش

– للاطلاع على قصص أمثال أخرى :

عادت حليمة لعادتها القديمة

أكلت يوم أكل الثور الأبيض

عن Amjad Bora