الخميس 28 مارس 2024

فن المسرحية في الأدب العربي : نشأته وتطوره ، وأبرز أعماله ورجاله

تم التحديث في: 2020-09-17

سنتحدث أحبتنا الأفاضل في موضوع اليوم عن فن المسرحية في الأدب العربي ، ومختلف المراحل التي عرفها هذا الفن منذ نشأته وحتى تطوره .

 

مقدمة

 

لطالما كان الإنسان يميل إلى الجماعة بطبعه الفطري ، والجماعة بدورها تميل إلى عاداتها وتقاليدها الخاصة ، وفور أن يأمن الإنسان نفسه ومحيطه ومأكله ومشربه ، تجده يبتكر ظواهر فنية جميلة أساسها الجمال والتعبير عن الأحاسيس والشعور .

ومن أعرق الفنون التي عرفها الإنسان ، هو فن المسرحية والذي عرف أطوارا ومراحل حتى وصل إلى الشكل الذي نعرفه حاليا .

تعريف فن المسرحية في الأدب العربي

 

المسرحية هي جنس أدبي يروي قصة من خلال حديث شخصياتها وأفعالهم ، وتدور فصولها على خشبة المسرح أمام الجمهور ، وهنا وجب التفريق بين المسرحية والمسرح . فالمسرحية نعني بها النص المسرحي القابل لأن يُمثّل ، ونعني بالمسرح النص المسرحي ممثّلا على خشبته ومعروضا على جمهوره .

 

عناصر فن المسرحية في الأدب العربي

 

تتألف المسرحية من خمسة عناصر وهي :

1 – اللغة

وهي اللغة التي يتشكل بها العمل الدرامي للمسرحية والتي يعبر بها الإنسان عن عواطفه ورغباته ، وتخضع هذه اللغة إلى تحولات عديدة حتى تصل إلى مرحلتها النهائية ، حيث تتشكل في مخيلة المؤلف فيحولها إلى عنصر مكتوب وفق الضوابط الفنية المسرحية ، لتتحول أخيرا إلى حوار منطوق ينبض بالحياة على خشبة المسرح .

2 – الحوار

وهو جملة ما تنطقه شخصيات المسرحية على خشبة المسرح ، فالحوار هو عمدة العناصر الأدبية في النص المسرحي المكتوب ، كما يعد إتقان تجويده في العرض أهم أسس نجاح العمل الفني المسرحي ككل .

3 – الشخصيات

وهي النماذج البشرية التي يرسمها المؤلف المسرحي بقلمه أو خياله في النص المسرحي ، وتنقسم هذه الشخصيات إلى رئيسية وثانوية يوظفها المؤلف وفق رؤيته الدرامية للنص المسرحي .

4 – الحبكة

وهي الترتيب الخاص للأحداث وفق تنظيم معين وتوزيع محكم للفضاء ، وتحديد دقيق للشخصيات وما تنطق به من حوار ، بحيث تتحدد معالمها بفضل تلك الحبكة ، ويتحقق هدف المؤلف من تأليف المسرحية ، وهو إثارة الانفعالات والأفكار .

5 – العناصر الفنية

وهي تلك الملحقات الفنية – غير البشرية – التي تضفي على المسرحية لونا وجمالا يجذب الجمهور ويأسره ، وتشمل هذه الملحقات : الديكورات المجسدة والرسومات ، والأضواء والمؤثرات الصوتية ، والأزياء والموسيقى .

نشأة فن المسرحية في الأدب العربي

 

لم يعرف الأدب العربي منذ القديم وإلى منتصف القرن التاسع عشر فن المسرحية ولا فن التمثيل ، بل اكتفى بالشعر الغنائي الخالص ، وسبب ذلك راجع إلى مجموعة من العوامل ، أبرزها :

1 – العامل الديني

تعود بدايات نشأة الفن المسرحي إلى أصول إغريقية ورومانية ، حيث كانت تقام طقوس وثنية يُتقرب بها إلى آلهتهم ، وتكون هذه الطقوس على شكل غناء ورقص . ومع مجيء الإسلام الذي حرم الشرك والوثنية ، لم يعد لهذا الفن من ظهور .

2 – العامل الاجتماعي

كانت العصبية الجاهلية قديما تقيد دور المرأة وتبخسها حقوقها ، ولا يُسمح لها بممارسة أي نشاط اجتماعي أو مهني ، وفرض عليها قيودا صارمة وظالمة ، إلى أن جاء الإسلام الذي كرمها وشرّف قدرها ، وحفظ حقوقها . وبتطور العصور الأدبية انتهت بالمرأة كعنصر فعّال ومشارك رئيسي في الفنون ، وعلى رأسها فن المسرحية .

3 – العامل الفني

كان لالتزام العرب بوحدة الوزن والقافية في الشعر ، قيدا كبيرا لا يلائم المسرحيات التي تقتضي أن تكون مطولة  تختلف أبياتها في الوزن والقافية بعضا عن بعض .

كما أن الأدب العربي القديم كان مقتصرا على الشعر الغنائي ، وهو في الأصل لدى الإغريق القدماء شعر كان الناس ينشدونه برفقة بعض الآلات الموسيقية وخاصة القيثارة ، أما المسرحية ففي القديم كانت شعرا تمثيليا ، يضم شخصيات وحوار وأفعال ، وتكون أمام جمهور الناس .

 

مولد المسرح العربي 

 

كان مولد المسرح العربي في القرن التاسع عشر على يد الأديب اللبناني مارون النقاش ، والذي عاش مغتربا في إيطاليا ، واطلع على ثقافة ذلك البلد وأحوال أبنائه وأعجب بمسرحهم .

ولما عاد إلى بلاده حاول أن يدخل إليها هذا الفن ، فراح يكتب القطع المسرحية ، ويشكل فرق التمثيل على طريقة موليير المسرحي الفرنسي ، وهكذا قام بترجمة مسرحية ” البخيل ” لموليير بعد أن أجرى عليها بعض التغييرات لتلائم الجمهور العربي ، ثم كتب مسرحية ” الحسود السليط ” ، و” أبو الحسن المغفل ” . وهكذا كانت الخطوة الأولى لفن المسرحية في الأدب العربي .

 

أشهر كتاب المسرح العربي

 

إذن . فلبنان كان أول بلد يعنى بفن المسرحية كلون أدبي ، وكان احتكاك لبنان بالغرب سبب ظهور المسرح العربي . وقد راق هذا اللون الجديد من الأدب أبناء الشرق . فأخذوا يكتبون العديد من المسرحيات . فوضع سليم النقاش ، وهو ابن أخت مارون ، ثلاث مسرحيات : ” ميّ ” ، و” عائدة ” ، و” الظلوم دعجاء ” .

وقامت في دمشق نهضة أخرى من للمسرح على يد الشيخ أحمد أبي خليل القباني ، وكان تأليفه – على حد قول خليل مطران – : ” خليطا من هزل وجد ، وكلام وغناء ، يعرف عند الإفرنج بالأوبريت ؛ وأبدع ضربا حديثا يسميه الغربيون ” باليه ” واسمه عندنا ” رقص السماع ” .

بعد ذلك أصبحت مصر قبلة يحج إليها المؤلفون والممثلون ، حيث وجدوا فيها ميدانا خصبا لأفكارهم ومسرحياتهم ، وقد أنشأ الخديوي اسماعيل الأوبرا الملكية ، فجمع سليم النقاش من بيروت جماعة للتمثيل وقصد مصر سنة 1876 ، وكان لفرقته تأثير كبير على الجماهير .

وقد عرف المسرح في مصر صولات وجولات عرفت تارة جمودا وتدهورا في قيمته الفنية ، وتألقا وتميزا تارة أخرى . ولم يصل إلى درجة ذات قيمة في التأليف إلا مع الشاعر أحمد شوقي صاحب مسرحيتي ” مصرع كليوباترا ” و” مجنون ليلى ” وغيرهما .

أما في لبنان فقد ظل المسرح يسير على طريقة الترجمة والاقتباس والتقليد ، وعلى طريق التوجيه نحو المثل القويمة والبطولات الرفيعة ، وتعميق الشعور الديني .

ومع انتهاء الحرب العالمية الأولى ، اتخذ التوجه الأدبي المسرحي طريقا جديدا نحو الواقعية الاجتماعية ، ووضع ميخائيل نعيمة مسرحية ” الآباء والبنون ” ، وفي سنة 1935 ظهر سعيد عقل بمسرحيته الشعرية ” بنت يفتاح ” ودرج فيها على أسلوب قدامى اليونان وعلى أسلوب الفرنسيين الكلاسيكي .

وهكذا سار المسرح العربي من طور التعريب والاقتباس والتقليد ، إلى طور المحاولات ، إلى طور الواقعية الاجتماعية ، إلى طور الاتجاه الكلاسيكي .

مصادر :

– تاريخ الأدب العربي ( حنا الفاخوري ) .

– المسرحية نشأتها ، ومراحل تطورها ودلائل تأخر العرب عنها ( على صابرى ) .

عن Amjad Bora