الخميس 28 مارس 2024

قصص الصالحين حول المحبة في الله تعالى : نموذج عنوانه التآخي والوفاء

تم التحديث في: 2023-02-02

قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – : ” من سره أن يجد طعم الإيمان فليحب المرء لا يحبه إلا لله ” ( حديث حسن ) .

مما ابتلينا به في هذا الزمان ، ضعف الترابط والإخاء ، وقلة المودة والمحبة في الله عز وجل ، فلا يصحب الأخ أخاه إلا لعلة دنيوية ، ولم يكن ذلك من هدي السلف الصالح – رضي الله عنهم – ، فقد كانوا لا يصحبون أحدا إلا إذا علموا رضا الله تعالى منه ، ولا يحبون أحدا ولا يبغضونه لعلة دنيوية .

وسنقدم لكم نموذجا رائعا من قصص الصالحين حول المحبة في الله تعالى . نموذج عنوانه التآخي والوفاء ، والإخلاص بنية وصفاء .

قصص الصالحين حول المحبة في الله تعالى ( 1 )

 

جاء رجل إلى أبي هريرة – رضي الله عنه – وقال : إني أريد أن أؤاخيك في الله .

فقال : أتدري ما حق الإخاء ؟

قال : لا .

قال : أن لا تكون أحق بدينارك ودراهمك مني .

قال : لم أبلغ هذه المنزلة بعد .

قال : فاذهب عني .

قال علقمة بن لبيد العطاردي في وصيته لابنه حين الوفاة :

يا بني ! إذا عرضت لك إلى صحبة الرجال حاجة ، فاصحب من إذا خدمته صانك ، وإن صحبته زانك ، وإن قعدت بك مؤنة عانك ، واصحب من إذا مددت يدك بخير مدها ، وإن رأى منك حسنة عدها ، وإن رأى سيئة سدها .

صاحب من إذا سألته أعطاك ، وإن سكت ابتداك ، وإن نزلت بك نازلة واساك ، اصحب من إن قلت صدق قولك ، وإن حاولتما أمرا أمرك ، وإن تنازعتما آثرك .

***

جاء أحد التجار إلى صديق له فلم يجده في المنزل ، فقال للخادمة : أخرجي إليّ كيس أخي ، فأخرجته له فأخذ درهمين ، وجاء صاحب البيت فأخبرته الخادمة بمجيء صاحبه وأخذه الدرهمين ، فقال : إن كنت صادقة فأنت حرة ، فنظر فإذا هي صادقة فعتقت .

قصص الصالحين حول المحبة في الله تعالى ( 2 )

 

جاء رجل من السلف الصالح إلى بيت صديق له ، فخرج إليه فقال : ما جاء بك ؟

قال : عليّ أربعمائة درهم ، فدخل الدار فوزنها ، ثم خرج فأعطاه ، ثم عاد إلى الدار باكيا ، فقالت زوجته : هلا تعللت عليه ، إذا كان إعطاؤه يشق عليك ؟

فقال : إنما أبكي لأني لم أتفقد حاله ، فاحتاجَ أن يقول ذلك .

روي أن جيشا من المسلمين كان بينه وبين عدوه نهر ، فأمرهم القائد أن يخوضوه فلبوا الأمر وخاضوا النهر ، والعدو يشهدهم من بعيد ، وفي وسط النهر سقط إناء أحدهم فصاح : قعبي قعبي ، فقال الذي عن يمينه : قعبي قعبي ، وقال الذي عن شماله : قعبي قعبي ..

حتى أخذ الجيش كله يردد : قعبي قعبي ، فخاضوا جميعا في جوف النهر ليبحثوا عن إناء أخيهم ، فعرف العدو ذلك ، فألقى الله الرعب في قلوبهم وقالوا : إذا كانوا يفعلون ذلك من أجل إناء سقط من أحدهم ، فماذا يفعلون لو قتلنا منهم نفسا .

***

عن أبي هريرة – رضي الله عنه – عن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال : ” إن رجلا زار أخا له في الله ، فأرصد الله على مدرجته ( طريقه ) ملكا ، فلما أتى عليه قال : أين تريد ؟ قال : أريد أخا لي في هذه القرية ، قال : هل لك من نعمة تربُّها ، قال : لا ، غير أني أحببته في الله عز وجل ، قال : فإني رسول الله إليك بأن الله قد أحبك كما أحببته فيه ” ( رواه مسلم ) .

 

قصص الصالحين حول المحبة في الله تعالى ( 3 )

 

عن أبي إدريس الخولاني قال : دخلت مسجد دمشق فإذا فتى براق الثنايا ( يلمع بياضا في مقدمة أسنانه ) إذ الناس معه إذا اختلفوا في شيء أسندوه إليه ، وصدورا عن قوله ، فسألت عنه ، فقيل :

هذا معاذ بن جبل – رضي الله عنه – فلما كان من الغد هجّرت ( بكّرت ) فوجدته قد سبقني بالتهجير ، ووجدته يصلي فانتظرته حتى قضى صلاته ، ثم جئته من قبل وجهه فسلمت عليه ثم قلت :

والله إني لأحبك ، فقال: ألله ؟ فقلت الله ، فقال : ألله ؟ فقلت : الله ، فقال : ألله ؟ فقلت : الله ، فأخذ بحبوة ردائي، فجبذني إليه ( ملتقى طرفيه من الصدر ) فقال :

أبشر ، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ” قال تبارك وتعالى : وجبت محبتي للمتحابين فيّ ، والمتجالسين فيّ ، والمتزاورين فيّ ، والمتباذلين فيّ ”  ( حديث صحيح رواه مالك في الموطأ ) .

***

سأل الفاروق عمر – رضي الله عنه – عن رجل كان قد آخاه ثم خرج إلى الشام ، فقالوا له : ذاك أخو الشيطان ، إنه قارف الكبائر حتى وقع في الخمر ، فكتب إليه عمر : ” من عمر بن الخطاب إلى فلان ، سلام عليك ، فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو إليه المصير ” ، ثم قال لأصحابه :

ادعوا لأخيكم أن يقبل بقلبه ويتوب الله عليه ، فلما بلغ الرجل كتاب عمر – رضي الله عنه – جعل يقرؤه ويردده ، ويقول : غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب ، قد حذرني عقوبته ووعدني أن يغفر لي ، فلم يزل يرددها على نفسه ، حتى بكى ، ثم نزع ( أي تاب ) فأحسن النزع .

فلما بلغ عمر خبره قال : هكذا فاصنعوا ، إذا رأيتم أخا لكم زل زلة فسددوه ووثقوه ( أي افتحوا له باب الأمل والثقة )  وادعوا الله له أن يتوب عليه ولا تكونوا أعوانا للشيطان عليه .

مصادر :

– موسوعة الأخلاق والزهد زالرقائق ( ياسر عبد الرحمان ) .

عن Amjad Bora