قصص عن محاسبة النفس ، من رجال حاربوا خواطر أنفسهم السيئة ، وحاسبوها أشد الحساب ، سنترككم تستمتعون بقراءتها في هذا الموضوع .
محتويات
قصص عن محاسبة النفس
مع أبي طلحة
وهذا أبو طلحة لما اشتغل قلبه في الصلاة بطائر في حائطه تصدق بالحائط كفارة لذلك ، وإن عمر كان يضرب قدميه بالدرة كل ليلة ويقول : ماذا عملت اليوم ؟
وعن مجمع : أنه رفع رأسه إلى السطح فوقع بصره على امرأة فجعل على نفسه ألا يرفع رأسه إلى السماء ما دام في الدنيا . وكان الأحنف بن قيس لا يفارقه المصباح بالليل فكان يضع إصبعه عليه ويقول لنفسه : ما حملك على أن صنعت يوم كذا وكذا ؟
ويحك يا نفس
قال إبراهيم التميمي : مثلت نفسي في الجنة آكل من ثمراتها ، وأشرب من أنهارها ، وأعانق أبكارها ، ثم مثلتها في النار آكل من زقومها ، وأشرب من صديدها ، وأعالج سلاسلها وأغلالها ..
ثم قلت لنفسي : يا نفس أي شيء تريدين ؟ قالت : أريد أن أرد إلى الدنيا ، فأعمل صالحا ، قال : فأنت في الدنيا فاعملي .
وهذه طريقة اتخذها الرجل في إيقاظ نفسه ، وإن شئت فقل : في إحياء ضميره ، لقد تخيل المتوقع واقعا والغائب حاضرا ، ثم قال لنفسه بعد أن عرض عليها بصورتين : تخيري واعلمي .
توشك أن تصل
قابل الفضيل بن عياض رجلا بلغ من الكبر عتيا ، فسأله: كم عمرك ؟
قال الرجل : ستون عاما .
قال الفضيل : توشك أن تصل إلى الله .
قال الرجل : إنا لله وإنا إليه راجعون .
قال الفضيل : هل عرفت معناها ؟
قال الرجل : نعم، عرفت أني لله عبد ، وأني إليه راجع .
قال الفضيل : إذا عرفت أنك لله عبد ، وأنك إليه راجع ، عرفت أنك مسؤول ، وإذا عرفت أنك مسؤول ، فأعد للسؤال جوابا .
قال الرجل : وما الحيلة يرحمك الله ؟
قال الفضيل : يسيرة ، أن تتقي الله فيما بقي يغفر الله لك ما قد مضى .
قصص مؤثرة عن محاسبة النفس
دينار العيار ( 1 )
روي أن رجلا يعرف بدينار العيار كانت له والدة تعظه ولا يتعظ ، فمر في بعض الأيام بمقبرة كثيرة العظام ، فأخذ منها عظما نخرة فانفت في يده ، ففكر في نفسه ، وقال لنفسه :
ويحك ! كأني بك غدا قد صار عظمك هكذا رفاتا والجسم ترابا ، وأنا اليوم أقدم على المعاصي ، فندم وعزم على التوبة ، ورفع رأسه إلى السماء وقال: إلهي ، إليك ألقيت مقاليد أمري فاقبلني وارحمني .
ثم مضى نحو أمه متغير اللون ، فقال : يا أماه ما يصنع بالعبد الآبق إذا أخذه سيده ؟
فقالت : يخشن ملبسه ومطعمه ويغل يده وقدمه .
فقال : أريد جبة من صوف وأقراصا من شعير ، وتفعلين بي كما يفعل بالعبد الآبق ، لعل مولاي يرى ذلي فيرحمني ، ففعلت كما طلب ، فكان إذا جنه الليل أخذ في البكاء والعويل ، ويقول : ويحك يا دينار ألك قوة على النار ؟ كيف تعرضت لغضب الجبار ؟!
اقرأ أيضا :
دينار العيار ( 2 )
وقالت له أمه في بعض الليالي : ارفق بنفسك .
فقال : دعيني أتعب قليلا لعلي أستريح طويلا .. يا أمي إن لي موقفا طويلا بين يدي رب جليل ، ولا أدري أيؤمر بي إلى الظل الظليل ، أم إلى شر مقيل ، إني أخاف عناء لا راحة بعده ، وتوبيخا لا عفو معه .
قالت: فاسترح قليلا .
فقال : الراحة أطلب ؟ أتضمنين لي الخلاص ؟
قالت : فمن يضمنه لي ؟
قال : فدعيني وما أنا عليه ، كأنك يا أماه غدا بالخلائق يساقون إلى الجنة وأنا أقاد إلى النار . فمرت به في بعض الليالي في قراءته : ” فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ ” ( الحجر 92 – 93 ) .
ففكر فيها ، وبكى وجعل يضطرب كالحية حتى خر مغشيا عليه ، فجاءت أمه إليه ونادته ، فلم يجبها فقالت : قرة عيني ، أين الملتقى ؟
فقال بصوت ضعيف : إن لم تجدني في عرصة القيامة فاسألي مالكا عني .
ثم شهق شهقة مات فيها ، فجهزته وغسلته ، وخرجت تنادي : أيها الناس ، هلموا إلى الصلاة على قتيل النار ، فجاء الناس فلم ير أكثر جمعا ولا أغزر دمعا من ذلك اليوم .
اقرأ أيضا :
قصص الصالحين في محاسبة النفس
تذكر يوم القيامة
شاب يافع لديه طموح الشباب ، كان يعيش مثل بعض أقرانه لا يأبهون بأوامر الله ، وذات ليلة أراد الله به خيرا ، فرأى في المنام مشهدا أيقظه من غفلته ، وأعاده إلى رشده .
يحدثنا هذا الشاب عن قصته فيقول : في ليلة من الليالي ذهبت إلى فراشي كعادتي لأنام ، فشعرت بمثل القلق يساورني ، فاستعذت بالله من الشيطان الرجيم ونمت .
فرأيت فيما يرى النائم ، أن شيئا غريبا وضخما قد وقع من السماء على الأرض .. لم أتبين ذلك الشيء ، ولا أستطيع وصفه ، فهو مثل كتلة النار العظيمة ، رأيتها تهوي فأيقنت بالهلاك .. فأصبحت أتخبط في الأرض ، وأبحث عن أي مخلوق ينقذني من هذه المصيبة .
قالوا : هذه بداية يوم القيامة ، وإن الساعة قد وقعت ، وهذه أولى علاماتها ، ففزعت ، وتذكرت جميع ما قدمت من أعمال ، الصالح منها والطالح ، وندمت أشد الندم .. وقرضت أصابعي بأسناني حسرة على ما فرطت في جنب الله .. وقلت والخوف قد تملكني : ماذا أفعل الآن ؟ وكيف أنجو ؟
تذكر يوم القيامة ( 2 )
فسمعت مناديا يقول : اليوم لا ينفع الندم .. سوف تجازى بما عملت .. أين كنت في أوقات الصلوات ؟ أين كنت عندما أتتك أوامر الله ؟ لتمتثل الأوامر وتجتنب النواهي ؟ كنت غافلا عن ربك ..
قضيت أوقاتك في اللعب واللهو والغناء ، وجئت الآن تبكي .. سوف ترى عذابك .. فزادت حسرتي لما سمعت المنادي يتوعدني بالعذاب .. بكيت وبكيت ولكن بلا فائدة .
وفي هذه اللحظة العصيبة استيقظت من نومي .. تحسست نفسي فإذا أنا على فراشي .
لم أصدق أني كنت أحلم فقط حتى تأكدت من نفسي .. تنفست الصعداء ، ولكن الخوف ما زال يتملكني ، ففكرت ، وقلت في نفسي : والله إن هذا إنذار لي من الله .. ويوم الحشر لابد منه ، إذن لماذا أعصي الله ؟ لم لا أصلي ؟ لم لا أنتهي عما حرم الله ؟
أسئلة كثيرة جالت في خاطري حتى أنجو في ذلك اليوم العظيم . أصبح الصباح ، وصليت الفجر ، فوجدت حلاوة في قلبي ، وفي ضحى ذلك اليوم نزلت إلى سيارتي .. نظرت بداخلها فإذا هي مليئة بأشرطة الغناء .. أخرجتها واكتفيت ببعض الأشرطة الإسلامية النافعة .
أجمل القصص عن محاسبة النفس
الدولة الغريبة ( 1 )
تروي كتب التراث أن دولة غريبة ، لها قوانينها الغريبة ، تقع في وسط صحراء مقطوعة ، مليئة بالزواحف الخطرة ، والوحوش الضارية ، ولكن هذه الدولة لها أسوار عالية لا يمكن أن يتسلقها أحد ، ولا يمكن لأحد أن يخرج منها إلا من بابها الذي لا يفتح إلا كل خمس سنوات ، هي مدة بقاء حاكم البلد فيها ، حيث يطرد من بابها بعد انقضاء مدته .
وغالبا يكون مصيره الموت في تلك الصحراء التي لا يوجد فيها أي مظهر من مظاهر الحياة ، وفي نهاية مدة أحد حكامها وما أعقبها من مراسم الطرد ، أعلن عمن يتطوع لإدارة الدولة فلم يتطوع أحد .
ومضت الأيام دون أن يتقدم أحد ، إلى أن فوجئ الجميع بشاب في مقتبل العمر يتقدم للجنة المشرفة على الاختبار ، ويقبل بالمهمة الصعبة ، فعرضوا عليه شروط الحكم وأفهموه كل شيء عن مدة حكمه ، ومصيره بعد ذلك فوافق على جميع الشروط .
وبدأ فترة حكمه بحدية ، وهمة عالية ، وكان قد اتفق مع آلاف العمال سرا ، حيث كان يخرجهم من البوابة ليلا ليشقوا القنوات المتصلة بالعيون من داخل الدولة ، ويغرسوا الشجر المثمر بجميع أنواعه ، ويستمر العمال في العمل ولا يدخلون حتى قبيل الفجر .
الدولة الغريبة ( 2 )
وهكذا استمر في هذه الخطة حتى شارفت مدته على الانتهاء ، فلما جاء فريق الإشراف على التعيين والطرد ليخبره بقرب موعد الرحيل لم يروا عليه ما كانوا يرونه على من سبقوه من الوجل والرعب ، بل رحب بقرب الموعد ، وأبدى شجاعة متناهية وطمأنينة أدهشتهم .
ولما جاء موعد الطرد ، وفتحت الأبواب تعجب الجميع من مناظر الأشجار المثمرة ، وقنوات المياه التي تتخللها ، والآبار الجديدة التي حفرت حتى بدا ما هو خارج أجمل مما في داخلها ، ولما سألوا عن ذلك أخبرهم بما قام به من استعدادات ليوم الرحيل ، أعجبوا به أشد الإعجاب واتفق الجميع على أن يولوه حاكما عليهم مدى الحياة .
هذه قصة رمزية لمعنى الحياة التي نعيشها ، فكل منا له مدة معينة محددة لا تزيد ولا تنقص ، يطرد بعدها من هذه الدار ، إلى دار أخرى ، إما أن يكون قد استعد لها فينجو كما نجا ذلك الشاب ، وإما أن يكون قد فرط فيها وفرط في الوقت الذي أعطي لها ، حتى جاءت لحظة الطرد من الدنيا فلم يجد إلا صحراء قاحلة لا حياة فيها ولا منجاة ، فيبكي حيث لا ينفع الندم ولا البكاء ، فهل نعتبر ؟
مصادر :
– موسوعة الأخلاق والزهد والرقائق ( ياسر عبد الرحمان ) .
قصص جميلة جدا. جزاكم الله خيرا