الخميس 28 مارس 2024

مظاهر التجديد في شعر ابو نواس وأثر ذلك في الشعر العربي

تم التحديث في: 2022-04-30

سنتحدث في موضوع اليوم عن مظاهر التجديد في شعر ابو نواس ، هذا الشاعر الذي جعل من شعره صورة صادقة لحياته التي لا تقيم فرقا بين الأدب والواقع ، فانغمس ﻓﻲ حياة اللهو والمجون ، وأطلق العنان لأشعاره التي تظهر تمتعه بملكة أدبية ولغوية كبيرة وفريدة .

زعيما التجديد :أبو نواس وبشار بن برد 

شاء أبو نواس ، شأن بشار بن برد ، أن يتخذ اﻟﺘﺠدﻴد مذهبا و حركة واضحة المعالم لشعره ، ولما كان ذلك المذهب مخالفا لما ألفه سواد الشعراء السابقين ، ولا سيما المقلدين منهم ، فقد كان أبو نواس ، نظير بشار مجددا ، إلا أن ثمة تباين بين الشاعرين اللذين يعدان بحق زعيمي التجديد في‌ العهد العباسي .

فبينما كان بشار مجددا بعامل اندفاع نفسي ، وملاءمة بينه وبين نزعات عصره ، اتخذ أبو نواس التجديد مبدءا واعيا ، جلي المعالم والأهداف ، يجري على سننه ويدافع عنه ، ويعمل على هدم ما هو مخالف له .

وبين الشاعرين تشابه أيضا من الناحية التقليدية ، وقد اضطرا إلى اصطناع لأساليب من سبقهما وبعض معانيهم إرضاء لذوي السلطان وتقربا منهم للحصول على صلاتهم . زد على ذلك أن الثقافة العربية التي نشأ عليها الشاعران قد أثرت في عقليتهما فمالت بهما إلى التقليد أحيانا عن غير وعي .

 

التقليد عند أبي نواس

 

لم يكن ابو نواس ليعمد إلى التقليد في أكثر الأحيان إلا ﻋن اضطرار . وكان ذلك يورثه شيئا غير قليل من‌ التبرم والضجر لأنه يتكلفه تكلفا ، ولا يخشى أن يقول في مطلع إحدى قصائده المدحية :

أعِرْ شعركَ الأطلالَ والمنزلَ القفرا *  فقد طالما أزرى به نعتُك الخمرا

دعاني إلى وصف الطلول مسلّط  *  يضيق ذراعي أن أردّ له أمرا

فسمعا أمير المؤمنين وطاعة  *  وإن كنتَ قد جشّمتني مركبا وعرا

ولقد ساعد اطلاع أبي نؤاس على الشعر الجاهلي القديم ، وتضلعه من اللغة ، ومقدرته الشعرية ، أن يجيد التقليد إلى حد بعيد ، فيأتي بمديحه مشابها لطريقة الشعراء الأقدمين ، فيقف على الأطلال ، ويذكر الرحيل ، ويصف الناقة أحيانا ، حتى يبلغ الممدوح فيسبغ عليه الأوصاف المعهودة من كرم الأصل والجود ، قصد التكسب والاستجداء .

كما سار على نفس النهج في غرض الرثاء ، وهو إذ يتصنع فيه ولا يجيده ، فلأنه ألف محاربة الحزن والألم طوال حياته ، وانغمس في اللذة حتى تخدرت عواطفه .

مظاهر التجديد في شعر ابو نواس : الداعي إلى ذلك

 

كان أبو نواس مدفوعا إلى التجديد و التطور بحكم ما اجتمع له من العوامل الخارجية والنفسية .

– ففي الأوضاع الاجتماعية ، كان لتفشي المجون والخلاعة الأثر الكبير على نفسية أبي نواس المندفعة اندفاعا طبيعيا وجارفا إلى الخلاعة والمجون .

– وفي السياسة احتدم الصراع بين العرب والأعاجم ولا سيما الفرس ؛ فكان من ناحية المتحزبون للعروبة ، ومن أخرى أنصار الشعبوية . وكان أبو نواس ذا عرق فارسي ، أو بالأحرى مغمور النسب ، لا يقيده إيثار عرقي ، وليس له من دافع على التفضيل بين حزب وحزب ، إلا ما يبديه كل منهما من مغريات .

– وفي العلم والفلسفة ، افتتن أبو نواس بأنواع المذاهب والآراء المختلفة التي لم يقل بها العرب الأقدمون .

– وفي الدين ساهمت جرأة البعض على الخوض في مسائل كبيرة وحساسة ، على خلق متنفس كبير لشاعر الخمرة في ﻫذه الناحية .

وعلى الإجمال ، فقد وُجد أبو نواس في بيئة توافق نزعاته الطبيعية أشد الموافقة .

وكان بوسع أبي نواس ، لو شاء ، أن يجري على مثل ما ألفه كثير من الشعراء الذين سبقوه ، فيكون مجددا في الحياة مقلدا في اﻟﺸﻌر .

إلا أن طبعه الصريح ، ونفسه الصابية إلى الحرية ، قد انصرفا به بعيدا عن ذلك التناقض . فنهج خطة حديثة ، لا تكتفي بصوغ النماذج الجميلة في ميدان التجديد بل تسعى في الدفاع عنه وإبراز مزاياه وامتداحها ، ومهاجمة الشعر القديم والحياة العربية السالفة ، وتتناولهما بالتهكم المر .

 

مظاهر التجديد في شعر ابو نواس

 

سنعرض لكم في ما يلي أبرز و أشهر الأغراض الشعرية التي شملتها مظاهر التجديد في شعر ابو نواس :

1 – الهجاء

من الظاهر أن أبا نواس لم يكن من الشعراء المطبوعين على الهجاء ؛ فلم يكن له ، من فطرته ، تلك النقمة الطبيعية على الجنس البشري ، التي تلازم أغلب الهجائين المطبوعين فلا تدعهم يرتاحون إلا إلى كشف النقاب على العيوب وتناولها بالنقد والثلب .

ولم يكن غرامه بالخمرة من جهة أخرى ليفسح لخياله مجال العبث بالصور المشوهة المضحكة التي تتخذها فئة أخرى من الهجائين عمادا لأدبها .

ومع ذلك فقد كان أبو نواس يعمد إلى الهجاء أحيانا ، فيأتي به إما حزبيا دفاعيا ينشر فيه نزعة له سياسية أو عقيدة أدبية ، ويكافح ما ينافيهما من نزعات وعقائد . وهو كثيرا ما يوجه ذلك الشعر إلى العرب عموما ، ويحارب بنوع خاص عقلية الأعراب القدماء .

وهو تارة يطعن في الأسر المالكة وذات النفوذ ، أو يعرض بالقبائل العربية ، وتارة ينحى على عقلية الأعاريب الأقدمين أبناء البادية ، فيفضح ما فيها من سخف وذلة ، وما في حياتهم من جفاء وخشونة .

ففي الصنف الأول ، وهو الذي يتألف من القصائد السياسية ، يتجلى ميله الفارسي وقلة اعتداده بالقبائل العربية ، وفي الصنف الثاني ، وهو الذي يستهل به عادة قصائده الخمرية ، يجهر بشغفه الجم بالحياة الجديدة الواقعية .

ثم هناك هجاؤه الانتقامي الذي يثأر فيه لنفسه ممن لا يقدرون منزلته الشعرية على نحو ما يقدرها هو ، وأخيرا هجاؤه المزحي الذي كان يداعب به أصدقاءه وندماءه ، أو يعارض به منافسيه . وهو ، وإن لم ينطو على نقمة عميقة ، فإنه مع ذلك حاد ومؤلم .

وعلى الإجمال ، فإن مظاهر التجديد في فن الهجاء عند ابي ﻧﻮﺍﺱ شملت : المجاهرة بازدراء العرب والعقلية العربية ، والدعاء إلى التمتع والتوغل في الحياة الحديثة الواقعية اللاهية ؛ وعدم الخشية من مدح الأعاجم ولا سيما الفرس منهم .

أشعار في غرض الهجاء لأبي نواس

قال يهجو قبائل بني تميم :

إذا ما تميميّ أتاك مفاخرا  *  فقل عدّ عن ذا كيف أكلك للضب

تفاخر أبناء الملوك سفاهة  *  وبولك يجري فوق ساقك والكعب

وقال يهجو الخصيب أمير مصر :

نَفَسُ الخصيب جميعه كذبُ  *  وحديثه لجليسه كربُ

تبكي الثياب عليه معولة  *  أن قد يجر ذيولها كلب

وقال يهجو الهيثم بن عدي العالم النحوي :

مررت بهيثم بن عدي يوما  *  وقِدما كنت أمنحه الصفاء

فأعرض هيثم لما رآني  *  كأني قد هجوت الأدعياء

وقد آليت أن أهجو دعيّا  *  ولو بلغت مروءته السماء

وقال يهجو أحد ندمائه :

على خبز إسماعيل واقية البخل  *  فقد حلّ في دار الأمان من الأكل

وقال يهجو مغنيا :

قد نضجنا ونحن في الخيش طرّا  *  أنضجتنا كواكب الجوزاء

فأصيبوا لنا حسينا ففيه  *  عوض عن جليد برد الشتاء

لو تغنى وفوه ملآن جمرا  *  لم يضره لبرد ذلك الغناء

2 – الطرديات

الطرديات ، أو وصف الصيد ، من الأبواب الشعرية التي كانت معروفة عند العرب ؛ إلا أنها حتى عهد أبي نواس لم تقم فنا مستقلا بذاته ، بل كانت كالخمريات تأتي في أغلب الأحيان مدموجة في عرض قصيدة مختلفة المواضيع موجزة في الإجمال ، قلما تتعدى بضعة أبيات .

وقد عُني أبو نواس عناية خاصة بهذا الباب ، لأنه كان من الأمور التي يؤثرها الأمراء ، وأغلبهم مولع بالصيد ومطاردة الفرائس . وكان شاعرنا يخرج بصحبتهم إليه ، ويرجع وملء حقيبته صور رائعة متنوعة ، صور الكلاب والطرائد ، وآلات الصيد ، وسائر ما يستخدم ويُرى في مثل ذلك الحال .

ثم يتحفهم بقصائد في تصوير تلك الأيام اللاهية ، يتناول فيها الصيد من جميع نواحيه ، ويفتن في وصفه ويتمادى ما شاء ، حتى يؤلف لوحات عليها من البراعة والإتقان ما قلما اتفق لسواه . وأبو نواس يكثر في هذا الباب من الصناعة البديعية ، والاستعارات والتشابيه الخيالية ، والصور المستمدة من حضارة العصر المترفة .

قال أبو نواس يصف كلبه الذي انطلق مع الصباح :

وقد اغتدى والصبح مشهور  *  قد طلعت فيه التباشير

بمخطف الايلل في خطمه  *  طول وفي شدقيه تأخير

وقال يصف كلبا وهو يمشي كالمتباهي في مقود صاحبه ، وعلى أن الظبي مكث في تل عال لينجو من ذلك الكلب ، ولكن ظنه خاب حيث عندما أطلقه صاحبه بسرعة فائقة في الأرض الوعرة وإذا به ينقض على فريسته في أعالي الجبال ، إذ يقول :

يجول في المقود كالمختال وانس  *  هجنا به فهاج لنزال

الظبي بتل عال  *  فانسل قلبي ساعة الإرسال

ومر يتلوه ولم يبال  *  وبالحزن والسهل وبالرمال

فصاده في أصعب الجبال  *  وقائل لي وهو عن حيالي

أكرم بهذا الكلب من محتال !  *  أتيح حتف الظبي والأوعال

3 – الزهديات

هو العنوان الذي ألف النقاد إطلاقه على تلك القصائد القليلة التي قالها أبو نواس في أخريات أيامه ، وقد تحطمت قواه ، وقعد به العجز عن تتبع الملاهي ، فانكفأ على نفسه يسبر ، بعين موجعة وقلب كسير ، غور المعاصي التي ملأ بها حياته ؛ فهاله ذلك المشهد القاتم ، وأقبلت نفسه على التوبة .

وزهديات أبي نواس هي من الشعر الغنائي الخالص ؛ هي نغمات شجية يتراجع فيها نواح قلب صادق الألم والخوف والندم والزهد في الدنيا ؛ هي على قلتها ، من أجمل شعر أبي نواس ، وأرقه ، وأعمقه عاطفة ، وأبعده تأثيرا ، وأصدقه عبارة .

قال أبو نواس في قصيدته ” سبحان علام الغيوب ” :

سبحانَ علاَّمِ الغيوبِ  *  عَجَباً لتَصريفِ الخُطوبِ

تَغدو عَلى قَطفِ النُفو  *  سِ وَتَجتَني ثَمَرَ القُلوبِ

حتى متى ، يا نفسُ، تَغَـ  *  ــتَرّينَ بالأملِ الكذوبِ

يا نَفسُ تُوبي قَبلَ أنْ  *  لا تَستَطيعي أنْ تَتُوبي

وَاِستَغفِري لِذُنوبِكِ ال  *  رَحمَنَ غَفّارَ الذُنوبِ

إِنَّ الحَوادِثَ كَالرِيا  *  حِ عَلَيكِ دائِمَةَ الهُبوبِ

و الموتُ شرعٌ واحدٌ ،  *  و الخلْقُ مختلفو الضّروبِ

وقال في قصيدة التوبة المشهورة :

يا ربِّ إنْ عَظُمَتْ ذُنُوبِي كَثْرَةً  *  فلقد عَلِمْتُ بِأَنَّ عفوك أَعْظَمُ

إِنْ كَانَ لاَ يَرْجُوكَ إِلاَّ مُحْسِنٌ  *  فَمَن الذي يَدْعُو ويَرْجُو المجرم

أَدْعُوكَ رَبِّ كما أمرت تَضَرُّعاً  *  فَإِذَا رَدَدَّتَ يَدِي فمن ذا يَرْحَمُ

مَالِي إِلَيْكَ وَسِيلَةٌ إِلاّ الرَّجَا   *  وَجَمِيلُ عَفْوِكَ ثُمَّ إِنِّي مُسْلِمُ

4 – الغزل

لم يكن مزاج أبي نواس ومذهبه في الحياة اللاهية الشاردة وراء اللذة الوقتية ، ليتيحا له اكتناه الحب الصحيح الخالص ، أو ليجعلاه يوما من العاشقين ، وهو إذا تغزل يصطنع الغزل اصطناعا ، ومع ذلك فقد يبلغ أبو نواس أحيانا ، في غزله هذا ، إلى شيء من إجادة فنية لا تخفي ما في جيّده من مخادعة في العاطفة ، وتكلف باد ، ورديء ساقط .

قال في حبيبته جنان :

وجه حبيبتي جناء دنيائي  *  ترتع فيه ظباء أهوائي

تصطادها أكلب الصدود إذا  *  يدعو إليها الهوى بإيماء

حسوت من كفها على طرب  *  من قهوة في الزجاج صفراء

نجومها في الكؤوس إذا طلعت  *  أفلاكها مزجت بأمواء

ثم لأبي نواس صنفا آخر من الغزل ، يكاد يكون جديدا في الأدب العربي ، وهو التشبيب بالغلمان والغلاميات ، والغلمان جماعة من الفتيان المتخنثين ، المسرفين في التظرف والتبرج ، أما الغلاميات فجوار متطرفات خليعات ، يتخدن المظاهر الملفقة ، ويتزيين بزي الفتيان .

وقد كان أبو نواس مغرما بتلك الظواهر فوصفها ، وتغزل بهن في شعر يلائمهن خفة وسوء أدب ، وإباحة ، من غير تغلغل إلى العاطفة الصادقة والجمال الحق .

وفي هذا يرى الأديب الناقد الدكتور يوسف بكار ، أن انتشار العادات الفارسية في المجتمع العباسي ولا سيما السيئة منها ، ساهم في خلق جبهة تهوى هذا النوع من الانحراف والمجون ، وشُفعت تلك الحرية بمباركة السلطان لها ، فغدا إتيان المعاصي مبررا لكون السلطان نفسه يأتيها ، والناس على دين ملوكهم .

قال أبو نواس :

احمدوا الله جميعا  *  يا جميع المسلمينا

ثم قولوا لا تملوا  *  ربنا ، أبق الأميـنا

صيّر الخصيان حتى  *  صيّر التعنين دينا

فاقتدى الناس جميعا  *  بأمير المؤمنيـنا

5 – الخمريات

أبو نواس شاعر الخمرة غير منازع ، والخمرة عروس شعره الحقيقية ، وفيها تجلت عبقريته المجددة التي رفعته فوق السابقين واللاحقين ، فكان زعيم شرّاب الخمرة ، كما كان زعيم القائلين فيها ؛ وقد جعل لها في الأدب العربي بابا مستقلا كاملا .

ولما كان أبو نواس واقعيا وأراد الكلام على الخمرة ، لم يتغن في شعره هذا إلا بالواقع ، ولم يكد يعتمد فيه على غير الحس ؛ فهو يتناول الخمرة كما تقع في حواسه . وإذا كان يعبد الخمرة ويعشقها فقد تقصى الكلام عليها ، ولم يدع فيها واردة ولا شاردة إلا التفت اليها وأحاط بها وأثبتها ، مما يتعلق بمنظورها ومشمومها ومذاقها وتأثيرها في الحس وفي النفس .

وخلص عميد الأدب طه حسين في تحليله لخمريات أبي نواس إلى القول : ” إن أبا نواس في شعره الخمري كان يرمي إلى غرضين : أحدهما الاعتراف بالجديد في الأدب ، والآخر الاعتراف بالجديد في الحياة ” .

قال في قصيدته المشهورة ” لا تلمني ” :

دَع عَنكَ لَومي فَإِنَّ اللَومَ إِغراءُ  *  وَداوِني بِالَّتي كانَت هِيَ الداءُ

صَفراءُ لا تَنزَلُ الأَحزانُ ساحَتَها  *  لَو مَسَّها حَجَرٌ مَسَّتهُ سَرّاءُ

مِن كَفِّ ذاتِ حِرٍ في زِيِّ ذي ذَكَرٍ  *  لَها مُحِبّانِ لوطِيٌّ وَزَنّاءُ

قامَت بِإِبريقِها وَاللَيلُ مُعتَكِرٌ  *  فَلاحَ مِن وَجهِها في البَيتِ لَألأُ

فَأَرسَلَت مِن فَمِ الإِبريقِ صافِيَةً  *  كَأَنَّما أَخذُها بِالعَينِ إِغفاءُ

رَقَّت عَنِ الماءِ حَتّى ما يُلائِمُها  *  لَطافَةً وَجَفا عَن شَكلِها الماءُ

فَلَو مَزَجتَ بِها نوراً لَمازَجَها  *  حَتّى تَوَلَّدُ أَنوارٌ وَأَضواءُ

وقال أيضا :

ألا فاسقِني خمراً، وقل لي : هيَ الخمرُ  *  ولا تسقني سرّاً إذا أمكن الجهرُ

فما العيْشُ إلاّ سكرَة ٌ بعد سكرة  *  فإن طال هذا عندَهُ قَصُرَ الدهرُ

وما الغَبْنُ إلاّ أن ترَانيَ صاحِيا  *  و ما الغُنْمُ إلا أن يُتَعْتعني السكْرُ

فَبُحْ باسْمِ من تهوى ، ودعني من الكنى  *  فلا خيرَ في اللذّاتِ من دونها سِتْر

ولا خيرَ في فتكٍ بدونِ مجانة  *  ولا في مجونٍ ليس يتبعُه كفرُ

ختاما

تلك كانت أبرز مظاهر التجديد في شعر ابو نواس ، والتي حاولنا أن نستقيها مختصرة قدر الإمكان من مصادر الأدب المعروفة ، ومما لا يدع مجالا للشك ، فقد خلّف هذا الشاعر العبقري ، موروثا شعريا حافلا بالمفردات اللغوية القويمة والتعابير البلاغية الرصينة ، وإن كان يعاب عليه مجونه وانحرافه .

مصادر :

– تاريخ الأدب العربي ( حنا الفاخوري ) .

– ديوان : أبو نواس .

عن Amjad Bora