الجمعة 29 مارس 2024

الشاعر أبو نواس : نظرة شاملة في حياته وشعره

تم التحديث في: 2022-04-30

يعد الشاعر أبو نواس من أهم و أبرز شعراء العرب ، والمشهور بالخلاعة والمجون واللهو . وسنخصص في هذا المقال نبذة عن حياته ، والعوامل المؤثرة في تكوين شخصيته ، وباقة مختارة من أجمل أشعاره وقصائده .

 

تعريف الشاعر أبو نواس

شاعر الخمر ابو نواس

الاسم : الحسن بن هانئ الحكمي .

المولد : سنة 141 هـ / الأهواز ( وفيها اختلاف ) .

الوفاة : 198 هـ / بغداد ( على الأغلب ) .

حياته : طفولة مرتبكة وقاسية – تعلم وموهبة وذكاء منقطع النظير – لهو ومجون وخمر – طموح وتكسب – توبة وزهد .

هو الحسن بن هانئ الحكمي – وزيد عليه ” الدمشقي ” في بعض المراجع . ويكنى بأبي علي وأبي نؤاس والنؤاسي ، و الملقب بـ ( شاعر الخمر ) . ولد في الأهواز ، إحدى قرى خوزستان في فارس نحو سنة 141 هـ . وفي بعض المراجع سنة 145 هـ .

ولقد اختلف في نسبه ، فقيل أن أباه هانئ عربي من دمشق من جند مروان ، آخر خلفاء بني أمية ، وقيل إنه من أصل فارسي ؛ أما أمه جُلبان فكانت جارية فارسية تغزل الصوف وتنسجه ، وعلى ما يظهر ، كان أبواه مغموري الأصل ، لا يملكان من المال ما يجعلهما في يسر .

ويُعتقد أن لقبه ” أبو نواس ” جاء لأن الأمير خلف الأحمر ، أحد عمال اليمن استدعاه يوما ، وكان يوده أكثر من غيره من الشعراء ، فسماه أبا نواس ، واشتهر بهذه الكنية .

قال أبو الحسن الطوسي : ” … وكان لخلف الأحمر ولاء في اليمن بين الشعراء  ولهم منه العطايا الجزيلة ، والهدايا السنية ، وكان عصبيا شديد الخلق يميل ميلا فطريا إلى أبي نواس ، وهو الذي قد كناه بهذه الكنية ” .

 

أبو نواس والطفولة المعذبة

 

لم يكد ابو نواس يبلغ السادسة من عمره حتى توفي أبوه ، فنقلته أمه إلى البصرة ، وقامت على تربيته ، وسرعان ما دفعته إلى الكتّاب ، فحفظ القرآن وبعض الشعر . وقد ألمّت الفاقة بأمه ، فأسلمته إلى عطار يعمل عنده كأجير يبري عيدان الطيب .

وكان الشاعر يعمل بيديه في السوق ، و ممن لهم اندفاع قوي إلى الأدب والعلم ؛ فتتلمذ على يدي أبي عبيدة وخلف الأحمر الإمام اللغوي . فحصلت له ثقافة واسعة . وقد روى ابن خلكان في تاريخه أن اسماعيل بن نوبخت قال : ” ما رأيت قط أوسع علما من ابي نواس ، ولا أحفظ منه ، مع قلت كتبه ” .

تمثال أبي نواس وسط العاصمة العراقية بغداد

في الصورة أعلاه يظهر تمثال أبو نواس وسط العاصمة العراقية بغداد ، و الواقع في شارع سمي باسمه ( أبو نؤاس ) والذي يمتد على طول الضفة الشرقية جهة الرصافة من نهر دجلة .

وفي حادثة غريبة ، قام مجهولون بكسر أصابع يد التمثال الشهير وسرقتها ، وأقدموا قبل ذلك على إزالة البيت الشعري المنقوش عند قاعدة التمثال .

أبو نواس شاعر الخمر

إلى جانب أن البصرة كانت منارة ومركز علم في ذلك الزمن ، إلا أنها كانت لا تخلو من مجتمعات اللهو والمجون ، وكان أبو نواس من طبيعة مزاجه ميالا إليها ، ومما زاده إقبالا على هذه الدور ، تعرفه على الشاعر الخليع والبة بن الحباب ، فحثه على أن يصطحبه معه إلى الكوفة ، ولم يتردد الغلام ، فمضى معه .

ويقال إن الذي أرغبه فيه حسن شعره وما سمعه على لسانه من قوله :

ولها ولا ذنب لها  *  حب كأطراف الرماح

في القلب يجرح دائما  *  فالقلب مجروح النواحي

وقيل أن سيرة أمه وانحرافها كانت تؤذيه ، فرحل بعيدا ، ولم يجد شيئا ينسيه همومه سوى معاقرة الخمر ، فسقط في جب الخلاعة والمجون ، وعرف أبو نواس بشاعر المجون والخمر آنذاك ، واستحق أن يكون زعيم شعراء الخمرة وأميرهم الذي سبق المتقدمين والمتأخرين ، وتلك كانت العوامل الأولى التي أثرت في شخصية الشاعر .

وهكذا نشأ ابو نواس مترددا ما بين حلقات العلم ودور المجون ؛ وقد أبى إلا أن يقوم لسانه على لغة عربية خالصة المعنى تتعلق بكل ما هو أصيل ، فأقام في البادية سنة ليأخذ اللغة عن أهلها . وكان قد ناهز إذ ذاك الثلاثين ، وبلغ ملء الثقة من نفسه ومن أدبه ، فطمحت أنظاره إلى بغداد ، حيث المال والجمال .

 

خمريات أبي نواس

 

باتت معاقرة الخمر من أبرز مظاهر الحياة المترفة اللاهية في عصر أبي نواس ، فانتشرت الحانات بعيدة عن أعين الشرطة ، يقوم عليها رجال أو نساء من المجوس ، أو النصارى ، أو اليهود . وكانت تلك الحانات وكرا لأهل البطالة ، يقيمون فيها اليوم واليومين والثلاثة ، كما يقيمون فيها الشهر بكامله وليس يهمهم سوى الشرب واللهو .

وكان أبو نواس من أكثر المترددين على الحانات ودور اللهو والمجون ، فيندفع إلى التغني بالخمر ووصف السكر ، بالإضافة إلى ذلك كان يجهر مع غيره من شعراء المجون بحب الفتية الغلمان والتغزل بهم غزلا مكشوفا .

 

أبو نواس والبرامكة وآل الربيع

 

قدم الشاعر بغداد نحو سنة 179 هـ في خلافة هارون الرشيد ، واتصل بالبرامكة ، وهم القابضون على زمام الأمر إذ ذاك ، فمدحهم ونال جوائزهم . وقد يكون اتصل بآل الربيع عندما يئس من البرامكة ، وآل الربيع بيت جاه وغنى كان ينافس البرامكة ، فانقطع أبو نواس – وهو الشاعر الطموح – في بغداد إلى تلك الأسرة ، وأكثر من مدحها ؛ ولا ريب أنه أفاد من غيرها الشيء الكثير .

 

أبو نواس وهارون الرشيد

 

لم يجرؤ أبو نواس على دخول البلاط والتقرب من الخليفة هارون الرشيد في بدء أمره ، لما كان يمتاز به من شذوذ في طرائق حياته وشعره ؛ والأرجح أنه لما بلغ الفضل بن الربيع إلى كرسي الوزارة بعد نكبة البرامكة ، اتصل ابو نواس على يده بالخليفة هارون الرشيد ومدحه بقصيدة أنشدها إثر فوز الخليفة على نقفور ملك الروم في تلك السنة عينها ثم ألحقها بقصائد أخرى عديدة .

قال يمدح الخليفة هارون الرشيد :

تباركَ من ساسَ الأمور بعلمه  *  وفضّل هارونا على الخلفاء

نعيشُ بخير ما انطوينا على التقى  *  وما ساس دنيانا أبو الأمناء

إمام يخاف الله حتى كأنه  *  يؤمل لقياه صباح مساء

ويبدو أنه قد ظفر بشيء من حب الرشيد وتقريبه أول أمره ، وكثيرة هي الحكايات التي نسجت حول الخليفة والشاعر ، تدور في معظمها حول قصص من الظرف والطيش بطلها الشاعر الماجن .

إلا أنه ما لبث أن غدا البون فاضحا بين وقار الخليفة ، وحريات الشاعر المتطرفة العاشق للخمر والمجون ، وقد ذهبت به الجرأة يوما إلى هجو قبائل عدنان ، والإفحاش في ثلب قريش ، فاضطر الرشيد إلى سجنه مدة طويلة .

ومما لا ريب في أن قد ضاق صدر الشاعر في السجن ، وهو المعتاد على تلبية نزعاته إلى حيث تدعوه ، وطرق جميع أبواب اللهو التي تشتهيها نفسه ، فأرسل بقصائد عدة إلى الخليفة يستمد العفو .

 

أبو نواس والخصيب

 

خرج ابو نواس من السجن ، وفي نفسه شوق إلى معاودة ما قد ألفه من تبذير وإسراف في الملذات ؛ إلا أن يده كانت صفرا من المال ، فضاقت به الحال ، ولم ير لها حلا غير الانتقال إلى بلاد مصر ، حيث اتصل بمن رأى فيه خلاصا لحاله ، وهو الخصيب أمير مصر الذي كان على ديوان الخراج .

وقد وصف سفره إليه في قصيدة عدد فيها الأمكنة التي مر بها . وتختلف الروايات في المنزلة التي وصل إليها أبو نواس عند الخصيب ؛ ومن الواضح أنه مدح الخصيب ، وأن الخصيب قد استعذب مدح الشاعر ومجلسه ، ومنحه من الصلات ما أخرجه من عسره . إلا أن مصر لم تستطع أن تقوم مقام بغداد ، ولم تشبع عطايا الخصيب رغائب الشاعر ، فعاد إلى بغداد ، وهجا الخصيب ورماه بالبخل .

قال يمدح الخصيب :

منحتكم يا أهل مصر نصيحتي  *  ألا فخذوا من ناصح بنصيب

ولا تثبوا وثب السفاه فتركبوا  *  على حد حامي الظهر غير ركوب

فإن يك إفك فرعون فيكم  *  فإن عصا موسا بكف خصيب

رماكم أمير المؤمنين بحية  *  أكول لحيات البلاد شروب

وقال يهجو الخصيب حيث وصفه بالبخل :

خبز الخصيب معلق بالكوكب  *  يُحنى بكل مثقف ومشطب

جعل الطعام على بنيه محرما  *  قوتا ، وحلله لمن لم يسغب

فإذا هم نظروا إلى الرغيف تطربوا  *  طربَ الصيام إلى أذان المغرب

 

أبو نواس والأمين

 

عرف أبو نواس ولي العهد الأمين وهو لا يزال طالب علم ، وقد أحبه الأمين وآثره لنفسه رفيق شباب ، فراح ابو نواس يداعب الحلم بأن يكون شاعر الأمين ونديمه الخاص ، إذا ما بويع بالخلافة .

وقد تحقق مطمعه ، فما إن تبوأ الأمين كرسي الخلافة حتى قرب صديق شبابه واتخذه نديما له وشاعرا خاصا ؛ فكانت إذ ذاك أعذب أيام أبي نواس ، وشعر أخيرا بأنه سينعم بعيشة الأمراء ؛ ولكن هذه النعمة ، على ما يُرجح ، لم تدم أكثر من سنتين ، إذ وقع الخلاف بين الأمين وأخيه المأمون ، وترامى إلى سمع الخليفة أن الحسن بن سهل في خراسان قال : ” وكيف لا يحل قتال الأمين وشاعره ونديمه يقول :

ألا فاسقني خمرا وقل لي هي الخمر  *  ولا تسقني سرا إذا أمكن الجهر

فتطرق الوجل والحذر إلى نفسه ، وبادر إلى إصلاح أمره وإبعاد الظنون ، وتهدئة الخواطر . فعنف فجأة في تصرفه مع شاعره ، وأبدى عليه غضبا ، واتهمه بالزندقة . وزج به في السجن مدة ثلاثة أشهر ، ثم أفرج عنه ، ونهاه عن الشرب .

قال يمدح الأمين :

لقد قام خير الناس من بعد خيرهم  *  فليس على الأيام والدهر معتب

فأضحى أمير المؤمنين محمد وما بعده للطالب الخير مطلب

فلا زالت الآفات عنك بمعزل  *  ولا زلت تحلو في القلوب وتعذب

لك الطينة البيضاء من آل هاشم  *  وأنت وإن طابوا أعفّ وأطيب

 

وفاة الشاعر أبي نواس

 

عاش ابو نواس في الأماكن المختلفة التي وجد فيها ولا سيما بغداد ، عيشة لهو ومجون ؛ وما زالت حياته على ذلك الحال حتى انحطت قواه وانحل جسمه .

وعندما قتل الأمين سنة 198 هـ طغى القنوط على نفس الشاعر ، وكان قد بلغ منه الانحطاط مبلغا ، فراودته أطياف الموت ، وفطن إلى حياته التي بددها هدرا في السوء ، فتاب إلى ربه ، وجنح إلى الزهد – بحسب ما تشير إليه العديد من المراجع –  ، حتى توفي في بغداد سنة 199 هـ وما له من العمر غير 54 سنة .

جاء في ” تاريخ بغداد ” : ولما مرض أبو نواس مرضه الذي مات منه ، دخل عليه محمد بن إبراهيم الكاتب يعوده ، ومعه صالح بن علي الهاشمي ، فقال له صالح بن علي : يا أبا نواس : تب إلى الله ، فإنك في أول يوم من أيام الآخرة ، وآخر يوم من أيام الدنيا ، وبينك وبين الله هنات . فقال :

أسندوني ، فأسندوه . فقال : إياي تخوِّف بالله ؟ وقد حدثني حماد بن سلمة ، عن يزيد الرقاشي ، عن أنس بن مالك أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال : ” شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي ” ( سنن ابن ماجة ) .

و قالوا فيما يُروى ، أن بعض إخوانه رأوه بعد موته بأيام في المنام ، فقال له : ماذا فعل الله بك ؟ قال له : غفر لي بأبيات قلتها ، وهي الآن تحت وسادتي . فنظروا ، فإذا برقعة تحت وسادته في بيته مكتوب فيها :

يا ربِّ إنْ عَظُمَتْ ذُنُوبِي كَثْرَةً  *  فلقد عَلِمْتُ بِأَنَّ عفوك أَعْظَمُ

إِنْ كَانَ لاَ يَرْجُوكَ إِلاَّ مُحْسِنٌ  *  فَمَن الذي يَدْعُو ويَرْجُو المجرمُ

أَدْعُوكَ رَبِّ كما أمرت تَضَرُّعا  *  فَإِذَا رَدَدتَ يَدِي فمن ذا يَرْحَمُ

مَالِي إِلَيْكَ وَسِيلَةٌ إِلاّالرَّجَا  *  وَجَمِيلُ عَفْوِكَ ثُمَّ إِنِّي مُسْلِمُ

 

شخصية أبي نواس ومذهبه في الحياة

 

يقول حنا فاخوري في تحليله لشخصية أبي نواس وصراعاته النفسية : ” كان أبو نواس وسيم الطلعة ، حسن القوام ، رقيق النفس ، خفيف الروح ، يجمع إلى ذلك كله ، ذكاء فريدا تثقف ثقافة عالية في الرواية واللغة ، والحكمة الهندية واليونانية ، والنجوم والطبيعيات .

وكان هذا الانسجام بين قوى جسمه وقوى عقله ، يجعله رفيقا من أطيب الرفاق وجليسا من أخف الجلساء ظلا ، وأعذبهم لسانا ، وشاعرا في أبلغ وأدق وأجمع ما تدل عليه الكلمة .

وكان إلى ذلك ، ميالا إلى الخلاعة من فطرته . فزادته نشأته الشاردة الطائشة إغراقا فيها ، فاتخذ المتعة منذ صباه ، مذهبا ودينا ” .

قال ابو نواس :

تلك لذتي وكنت فتى  *  لم أقل من لذة حسبي

وقال أيضا :

طربتُ الصنج والمزهر  *  وشرب المدامة بالأكبر

وألقيت عني ثياب الهدى  *  وخضتُ بحورا من المنكر

وأقبلت أسحب ذيل المجون  *  وأمشي على القصف في مئزر

إلا أن اللذة لم تكن لتدوم لأبي نواس على صفاء ، إذ سرعان ما ولى الشباب بما فيه من طيش ونشاط يقاوم ما تحدثه الخلاعة من دمار ؛ فرأى إذ ذاك أن يبدد غيوم السكر بالسكر ، ويغرق في اللذة حتى تتخدر أعصابه وأفكاره ويذهل عن الحياة .

ولا يخفى ما يتوارى خلف هذه اللذة ، في نفس أبي نواس ، من تشاؤم كثيف مر ؛ قد يبدو عندما لا يجد الشاعر من سبيل إلى المتعة التي تستره ، فيأتي بمعان مثل هذه :

عليك باليأس من الناس  *  إن الغنى ويحكَ في الياس

 

المجون في شخصية الشاعر أبي نواس

 

لقد تقدم القول في وقوف مجموعة من العوامل التي كانت وراء تكوين شخصية ابي نواس الماجنة ، فبالإضافة إلى مظاهر الترف التي شاعت في العصر العباسي وانتشرت بين بعض طبقات مجتمعه ، كانت هناك أسباب أعمق أثرت على شخصية شاعر الخمرة ، نذكر منها :

يذهب شوقي ضيف إلى أن أصول أبي نواس الفارسية التي أورثته عدة صفات أبرزها حدة المزاج ، وحضارة عصره المادية ، وما يعتريها من لهو وفجور ، وما كان يعانيه من أزمة نفسية جراء سيرة أمه المنحرفة ، كانت أسبابا لاتخاذه المجون أداة بل ملجأ للهروب من أزمته ، ومن هموم الحياة وأحزانها .

وكذلك يتفق إليا حاوي مع شوقي ضيف في عامل انحراف الأم ، ويضيف سببين آخرين : أحدهما غياب الوالد الذي يقرر مصير الولد ، ويعده أو يتعهده منذ الصغر ، والآخر حبه للجارية جنان التي رأى أنها تمثل عقدة مزدوجة في نفسه ، فمن جهة تعذبه بصدودها وربما احتقارها ، ومن جهة أخرى كانت تضطره إلى أن يشعر بما يشعر به الآخرون من الناس العاديين الذين كان لا ينفك ليهزأ بمصيرهم واعتقاداتهم .

وينفي الكاتب الكبير عباس محمود العقاد تهمة ” المثلية الجنسية ” حيث يرى أن الشاعر كان شخصية نموذجية ثائرة على المعتقدات و المجتمع ” تسعى لما كان في عصرها من ” فاكهة محرمة ” ومن ثم فهو لم يكن يعاني من الشذوذ الجنسي ، فذلك الشذوذ ، بالنسبة للعقاد ، لا يقدم مبررا لمجمل سلوكياته ؛ وإنما ما عانى منه أبو نواس هو انحراف أكثر عمومية ، ألا وهو ” النرجسية ” .

ويرى النقاد أن مجون أبي نواس كان في أغلبه على سبيل التظرف والهزل ، والانغماس في الملذات ومعاقرة الخمر .

 

زندقة أبي نواس

 

تباينت آراء الدارسين حول زندقة أبي نواس ، فذهب فريق منهم إلى تأكيد زندقته ومخالفته لمبادئ الإسلام ، في حين ذهب فريق آخر إلى تبرئته منها ، وسنعرض في ما يلي موجزا لهذه الآراء :

ذهب عمر فروخ إلى أن زندقته لا شك فيها ، معتبرا أن الزندقة ليست سوى التساؤل عن الغاية من فروض الدين ، والتهكم على الذين يتحوبون من إتيان المعاصي ، ويستشهد على ذلك بمجموعة من الأبيات منها :

أيها العاتب على الخمـ  *  ر متى صرت سفيها

لو أطعنا ذا عتاب  *  لأطعنا الله فيها

وقوله :

يا من يلوم على حمراء صافية  *  صر في الجنان ودعني أسكر النار

أما محمد نبيه حجاب فيرى أن أبا نواس قد جمع بين معنيين من معاني الزندقة : أحدهما يطلق على كل ماجن خليع مستهتر بالدين ، والثاني يطلق على كل كافر ملحد لا يؤمن باليوم الآخر وما وراءه من ثواب وعقاب ، واستدل على ذلك بقول أبي نواس :

يا ناظرا في الدين ما الأمر  *  لا قدر صح ولا جبر

ما صح عندي من جميع الذي  *  يذكر إلا الموت والقبر

فاشرب على الدهر وأيامه  *  فإنما يهلكنا الدهر

ومن الفريق الثاني شوقي ضيف ، الذي يرى أن زندقة أبي نواس هي من قبيل المجون والعبث ، وليس الزندقة التي تخرج صاحبها من كنف الإسلام ، قال : ” وأبو نواس خير من يصور الصنف الثاني من الزنادقة التي كانت تلصق بهم التهمة بسبب مجونهم وبسبب ما قد يبدر على ألسنتهم في قصفهم وشربهم من أبيات مارقة على شاكلة قوله :

يا ناظرا في الدين ما الأمر  *  لا قدر صح ولا جبر

ما صح عندي من جميع الذي  *  يذكر إلا الموت والقبر

ولكن هذا كان تعابثا ومجانة ، وكان القائمون على ديوان الزنادقة يميزون بينه وبين الزندقة الحقيقية فيكتفون بحبس أبي نواس حتى يرتد عن غيه ” .

 

شعر أبو نواس

 

يعتبر أبو نواس فحلا من فحول الشعراء بشهادة فطاحلة الأدب والشعر واللغة ، إضافة إلى أن القصائد عينها وطبيعة النص الشعري الذي يتميز به يشهد بذلك .

وقد عنى بجمع شعره مجموعة من الفضلاء منهم أبو بكر الصولي وعلي بن حمزة وإبراهيم بن أحمد الطبري .

ونعرض لكم فيما يلي بعضا من أقوال هؤلاء :

قال الجاحظ : ” لا أعرف بعد بشار بن برد مولدا أشعر من أبي نواس ” .

وقال أبو عبيدة العالم باللغة والشعر : ” ابو نواس للمحدثين كامرئ القيس للأولين لأنه هو الذي فتح لهم هذه الفطن ، ودلهم على هذه المعاني ” .

وقال المحدث أبو الحسن الطوسي : ” شعراء اليمن ثلاثة : امرؤ القيس ، وحسان ، وأبو نواس ” .

وحُكي أن أبا نواس كان يعجبه شعر النابغة ويفضله على زهير تفضيلا شديدا ، وكثيرا ما كان يقول : إن الأعشى ليس مثلهما ؛ وكان يتعصب لجرير ويقول : هو أشعر الناس ؛ ويأتم ببشار بن برد ويقول : هو غزير الشعر كثير الافتتان .

وقال عن نفسه يوما : شعري أشبه شيء بشعر جرير ، فقال له بعض من حضر : وماذا تقول في شعر الأخطل ، قال : هو إمامي في الخمر ؛ فقال له : والفرزدق ؟ .. قال : ذاك الأب الأكبر .

قال شوقي ضيف : ” وأبو نواس – على الرغم من مجونياته – يعد من أعاجيب عصره في الشعر ، إذ كان يحظى بملكات شعرية بديعة ، فهي ملكات صقلها بالدرس الطويل للشعر القديم واللغة العربية الأصيلة ، وأضاف إلى هذا العلم علما دقيقا بقوالب الشعر الجاهلي والإسلامي وما صارت إليه عند بشار وأضرابه من أوائل العباسيين .

ومن خلال هذه القوالب جميعها أخذت شخصيته تنمو في اتجاهين : اتجاه يحافظ فيه على التقاليد الموضوعة دون أن يشتط في التجديد ، واتجاه يجدد فيه تجديدا واسعا ، يجدد في معانيه وألفاظه .

 

ديوان الشاعر أبو نواس

 

لأبي نواس ديوان شعر طبع مرارا في بيروت ومصر ، يتضمن حوالي 12 ألف بيت من الشعر ، مرتبة على اثني عشر بابا ، مرجعها إلى الخمر والمجون والغزل ، و المديح والرثاء ، والهجاء والوصف والطرد ، والزهد والعتاب وما إلى ذلك .

يرى الباحثون أنه قد نسب إلى أبي نواس شعر كثير ليس له ، ولا سيما في الخمر والمجون والطرد . ولا عجب في ذلك ! فقد أصبح المثل الأعلى لكل ما هو من الخمر والعبث وما يشبههما ، حتى نسج حول اسمه جم من الأساطير ، ونسب إليه كل ما جُهل مصدره من الأبواب التي برع فيها .

وبعكس ذلك فقد أهمل كثير من شعره الجديّ ، لأن أبا نواس لم يدوِّن شعره بنفسه ، بل دونه غيره بعد ثلاثين أو أربعين سنة من وفاته . وعلى ذلك يُظن أن أكثر الضعيف المنسوب إليه إنما هو من المنحول ، أو بما قاله ارتجالا في آونة الشرب والمجون .

 

فن الشاعر أبو نواس

 

لقد تولى أبو نواس إخراج شعره الفني بعناية خاصة ، ولا سيما في قصائده الخمرية ؛ حيث يرى الدارسون لشعره و أسلوبه أنه كان فنانا ذا ذوق بصير ، يطرب إلى فنه ، ولا يرضى منه إلا الخالص المحكم .

وبفضل هذه الرؤية الفنية النشيطة استطلع أبو نواس أن يتلافى التكرار الممل الرتيب ، والجمود والتقليد ؛ فصار شعره متنوعا وغزيرا : تنوع في المعاني أتاحته له قريحته المولدة الخصبة ؛ وتنوع في الصور يسره له خياله القوي على الإبداع ؛ وتنوع في الأسلوب الذي يصطبغ بمختلف الألوان من وصفي وخطابي وغنائي وقصصي .

وقد ساعده على ذلك لغة طيعة غنية ، لا تعصاه في شيء ولا تقف به عن أداء أي معنى أراد ، وأي صورة شاءها لشعره . أما من ناحية الأوزان فقد استطاع أن يكسرها على سائر الأشكال ، وينتزع منها جميع أصناف الأنغام ، ويأتي بها أعجوبة في التنوع والسلاسة .

 

مختارات من شعر أبي نواس

 

نقدم لكم فيما يلي مجموعة من الاقتباسات والمختارات الشعرية لشاعر الثورة الماجنة :

قال أبو نواس في قصيدة ” دع عنك لومي ” وهي القصيدة الخمرية المشهورة ، مخاطبا إبراهيم النظام رئيس إحدى فرق المعتزلة وكان قد لامه على شرب الخمر . ويقصد أنه أنفق دراهمه في شرب الخمر ورهن ملاءته وحذاءه :

دَع عَنكَ لَومي فَإِنَّ اللَومَ إِغراءُ  *  وَداوِني بِالَّتي كانَت هِيَ الداءُ

صَفراءُ لا تَنزَلُ الأَحزانُ ساحَتَها  *  لَو مَسَّها حَجَرٌ مَسَّتهُ سَرّاءُ

مِن كَفِّ ذاتِ حِرٍ في زِيِّ ذي ذكر *  لَها مُحِبّانِ لوطِيٌّ وَزَنّاءُ

قامَت بِإِبريقِها وَاللَيلُ مُعتَكِرٌ  *  فَلاحَ مِن وَجهِها في البَيتِ لَألأُ

فَأَرسَلَت مِن فَمِ الإِبريقِ صافِيَةً  *  كَأَنَّما أَخذُها بِالعَينِ إِغفاءُ

َرقَّتْ عَنِ الماء حتى ما يلائمُها لَطافَةً، وَجَفا عَنْ شَكلِها الماء

وقال أيضا :

اِكسِر بِمائِكَ سورة الصَهباءِ  *  فَإِذا رَأَيتَ خُضوعَها لِلماءِ

فَاِحبِس يَدَيكَ عَنِ الَّتي بَقِيَت بِها  *  نَفسٌ تُشاكِلُ أَنفُسَ الأَحياءِ

صَفراءُ تَسلُبُكَ الهُمومَ إِذا بَدَت  *  وَتُعيرُ قَلبَكَ حُلَّةَ السَرّاءِ

كَتَبَ المِزاجُ عَلى مُقَدَّمِ تاجِها  *  سَطرَينِ مِثلَ كِتابَةِ العُسَراءِ

نَمَّت عَلى نُدَمائِها بِنَسيمِها  *  وَضِيائِها في اللَيلَةِ الظَلماءِ

قَد قُلتُ حينَ تَشَوَّفَت في كَأسِها  *  وَتَضايَقَت كَتَضايُقِ العَذراءِ

وقال أيضا :

وَكأسٍ كمِصْباحِ السماء شرِبْتُها  *  على قُبْلة ٍ أو موْعدٍ بلِقائي

أتتْ دونها الأيامُ حتى كأنّها  *  تَساقُطُ نُورٍ مِنْ فُتُوقِ سَمَاءِ

ترى ضوْءها من ظاهرِ الكأسِ ساطعا  *  عليكَ وَإنْ غَطّيْتَها بغطاءِ

وقال في قصيدة ” أبلاني تذكر من أهوى ” :

شَجاني وَأَبلاني تَذَكُّرُ مَن أَهوى  *  وَأَلبَسَني ثَوباً مِنَ الضُرِّ وَالبَلوى

يدل عَلى مافي الضَميرِ مِنَ الفَتى  *  تَقَلُّبُ عَينَيهِ إِلى شَخصِ مَن يَهوى

وَما كُلُّ مَن يَهوى هَوىً هُوَ صادِقٌ  *  أَخو الحُبِّ نِضوٌ لا يَموتُ وَلا يَحيا

 

من روائع الشاعر أبو نواس

 

قال يهجو مغنيا :

قَد نَضِجنا وَنَحنُ في الخَيشِ طُرّا  *  أَنضَجَتنا كَواكِبُ الجَوزاءِ

فَأَصيبوا لَنا حُسَيناً فَفيهِ  *  عِوَضٌ مِن جَليدِ بَردِ الشِتاءِ

لَو تَغَنّى وَفوهُ مَلآنُ جَمراً  *  لَم يَضِرهُ لِبَردِ ذاكَ الغِناءِ

وقال مخاطبا شيطانه المتخيل :

لم يرضَ إبليس الظريف فعالنا  *  حتى أعان فسادنا بفساد

قال يمدح الأمين :

تتيه الشمس والقمر المنير  *  إذا قلنا كأنهما الأمير

فإن يكُ أشبها منه قليلا  *  فقد أخطاهما شبه كثير

ونور محمدٍ أبدا تمام  *  على وَضَـح الطريقةِ لا يحور

قال في حبيبته جنان :

وجه حبيبتي جنان دنيائي  * ترتعُ فيه ظباء أهوائي

تصطادها أكلب الصدود إذا  *  يدعو إليها الهوى بإيماء

حسوت من كفها على طرب  *  من قهوة في الزجاج صفراء

نجومها في الكؤوس إذا طلعت  *  أفلاكها مزجت بأمواء

قال متغزلا بالغلمان :

دَعِ الطَّلَلَ الذِّي انْدَثَرَا  *  يُقَاِسي الرِّيحَ وَالمَطَرَا

الم تَرَى مَا بَنَى كِسْرَى  *  وَسَابُورَ لِمَنْ غَبَرَا

مَنَازَةُ بَيْنَ دِجْلَةَ وال  *  فُرَاتِ تفيَّأَتْ شَجَرَا

بِأَرْضٍ بَاعَدَ الرَّحَمَ  *  نُ عَنْهَا الطَّلْحُ والعُشْرَا

وَلَمْ يَجْعَلْ مَصَايِّدَهَا  *  يَرَابِيعًا، وَلَا وَجَرَا

وَلَكِن حَوُر غِزْلانٍ  *  ترَاعِي بِالمَلا بَقَرَا

وقال أيضا :

لَقَد طالَ في رسم الديار بُكائي  *  وَقَدطالَ تَردادي بِها وَعَنائي

كَأَنّي مُريغٌ في الدِيارِ طَريدَةً  *  أَراها أَمامي مَرَّةً وَوَرائي

فَلَمّا بَدا لي اليَأسُ عَدَّيتُ ناقَتي  *  عَنِ الدارِ وَاستَولى عَلَيَّ عَزائي

إِلى بَيتِ حانٍ لا تَهُرُّ كِلابُهُ  *  عَلَيَّ وَلايُنكِرنَ طُولَ ثَوائي

فَإِن تَكُنِ الصَهباءُ أَودَت بِتالِدي  *  فَلَم توقِني أُكرومَتي وَحَيائي

فَما رِمتُهُ حَتّى أَتى دونَ ماحَوَت  *  يَمينِيَ حَتّى رَيطَتي وَحِذائي

وَكَأسٍ كَمِصباحِ السَماءِ شَرِبتُها  *  عَلى قُبلَةٍ أَو مَوعِدٍ بِلِقاءِ

أَتَت دونَها الأَيّامُ حَتّى كَأَنَّها  *  تَساقُطُ نورٍ مِن فُتوقِ سَماءِ

 

اجمل اشعار أبي نواس

 

قال الشاعر :

و فتية كمصابيح الـــدجى غـرر  *  شـم الأنوف مـن الصيد المصاليت

صالوا على الدهر باللهو الذي وصلوا  *  فليس حبلهم منه بمبـتوت

دار الزمان بأفلاك الســـعود لهم  *  وعـاج يحنو عليهم عـاطف الليت

نـادمتهم قرقف الإسفنط صافية  *  مشمولة سبيت من خمر تـكريت

إذا بكافرة شمطاء قد بـرزت  *  في زي مخــتشع لله زمـيـت

قالت :من القوم ؟ قلنا : من عرفتهم  *  من كل سمح بفرط الجــود منعوت

قالت : فعندي الذي تبغون فانتظروا  *  عند الصــباح ! فقلنا : بل بها إيتي

هي الصباح ! تحيل الليل صفوتها  *  إذا رمـــت بشـرار كاليواقيت

قلنا لها : كم لها في الدن مذ حجبت  *  قالت : قـد اتخذت من عهد طالوت

كانــت مخبأة في الدن قد عنست  *  في الأرض مـدفونة في بطن تابوت

فـقد أوتيتم بـها من كنه معدنها  *  فحاذروا أخذها فــي الكأس بالقوت

وقال أيضا :

وَمُتَرَّفٍ عَقَلَ الحَياءُ لِسانَهُ  *  فَكَلامُهُ بِالوَحيِ وَالإيماءِ

لَمّا نَظَرتُ إِلى الكَرى في عَينِهِ  *  قَد عَقَّدَ الجَفنَينِ بِالإِغفاءِ

حَرَّكتُهُ بِيَدي وَقُلتُ لَهُ اِنتَبِه  *  يا سَيِّدَ الخُلَطاءِ وَالنُدَماءِ

حَتّى أُزيحَ الهَمَّ عَنكَ بِشُربَةٍ  *  تَسمو بِصاحِبِها إِلى العَلياءِ

فَأَجابَني وَالسُكرُ يَخفِضُ صَوتَهُ  *  وَالصُبحُ يَدفَعُ في قَفا الظُلَماءِ

إِنّي لَأَفهَمُ ما تَقولُ وَإِنَّما  *  رَدَّ التَعافي سَورَةُ الصَهباءِ

وقال أيضا :

سَأُعطيكِ الرِضا وَأَموتُ غَمًّا  *  وَأَسكُتُ لا أَغُمُّكِ بِالعِتابِ

عَهِدتُكِ مرة تَنوينَ وَصلي  *  وَأَنتِ اليَومَ تَهوَينَ اِجتِنابي

وَغَيَّرَكِ الزَمانُ وَكُلُّ شَيءٍ  *  يَصيرُ إِلى التَغَيُّرِ وَالذَهابِ

فَإِن كانَ الصَوابُ لَدَيكِ هَجري  *  فَعَمّاكِ الإِلَهُ عَنِ الصَوابِ

قال مادحا آل البيت :

مطهرون نقيات ثيابهم   *  تجري الصلاة عليهم أينما ذكروا

من لم يكن علويا حين تنسبه  *   فما له في قديم الدهر مفتخر

والله لما برا خلقا فأتقنه   *  صفاكم واصطفاكم أيها البشر

فأنتم الملأ الأعلى وعندكم   *  علم الكتاب وما تأتي به السور

 

ختاما

لا شك وأن تناول شخصية أبو نواس يتطلب كلاما طويلا وبحثا أعمق ، لكن حسبنا أننا حاولنا أن نسلط الضوء على أهم الصفات والمحطات المؤثرة في حياة هذا الشاعر التي نسجت حوله القصص والأساطير والأشعار الكثيرة ، معتمدين على ما سبق من كلام ورأي أهل الفكر والنقد والأدب .

شاعر كان محط دراسة الباحثين والأدباء و أشباه الأميين وكذا العامة ، بغض النظر إن كانوا معه أو ضده ، فشرّحوا حياته وشخصيته تشريحا لا تكفيه مقالة أو اثنتين أو حتى كتاب .

شاعر عبقري لم يثنيه مجونه عن الدراسة والنهل من كتب الثقافة واللغة و الأدب ، فجمع بين التقليد والتجديد ، والتنوع والسلاسة ، فاستحق أن يكون فحلا من فحول الشعراء .

ونختم هذا البحث بقول الناقد محمد نجيب البهبيتي : ” إن أبا نواس يجتمع فيه النور والظلمة ، والخير والشر ، و الإيمان الغامر ، والفسوق المستهتر ، وإذا كان أبو نواس قد قال ما قال في الخمر والمجون ، وأبدى من نفسه ذلك الجانب العاري ، فإنه أيضا قد جد فأحسن الجد ، وتعبّد فأحسن العبادة ، وتاب فأحسن التوبة ” .

اقرأ أيضا :

مظاهر التجديد في شعر أبي نواس

أبو الطيب المتنبي : الشاعر الذي شغل الدنيا والناس

مصادر :

– تاريخ الأدب العربي ( حنا الفاخوري ) .

– تاريخ الأدب العربي ، العصر العباسي الأول ( شوقي ضيف ) .

– الكوكب الثاقب في أخبار الشعراء وغيرهم من ذوي المناقب ( عبد القادر السلوي ) .

– ديوان أبي نواس .

– أبو نواس في نوادره وبعض قصائده ( سالم شمس الدين ) .

– أبو نواس في أنظار الدارسين العرب المحدثين ( بحث من إعداد عيسى عبد الشافي إبراهيم المصري ) .

– أثر سورتي البقرة والكهف في شعر أبو نواس ( عليوة محمد ) .

– تجليات التناص في أشعار أبي نواس ( الأستاذة فاطة نصير ) .

– انظر إلى : شذرات من زهديات أبي نواس .

عن Amjad Bora

تعليق واحد

  1. هل من مساعدة ؟
    وجدت هذه الأبيات منسوبة لأبي نواس قد ترجمها أحد المستشرقين وذكرت أيضا في كتاب لغته إنجليزية ( بغداد مدينة السلام ) يذكر الشاعر في مستهلها ( العيون ) وهي قصيدة غرامية أستطيع ترجمتها , ولكن حتى لو أترجمها وأبحث عن مصدرها الأصلي لن أجدها : وهكذا المطلع
    ألا أيتها العيون , على الدوام واهنة

    The amorous overture
    O enchanting eyes, you are forever languid,
    Your stare draws out secrets held close in the heart! …
    Consider the two of us: you have rent me to pieces, though you
    Are bare of the garment in which Fate has draped me
    You work to kill me with no hope of vengeance,
    As if to kill me is ritual offering to God.