الخميس 18 أبريل 2024

أجمل أشعار نزار قباني عن الوطن : حب وحنين ، وثورة على الظلم والاستبداد

تم التحديث في: 2022-04-30

الوطن كما المرأة ، يرى الشاعر نزار قباني أنهما بحاجة إلى التحرير ، وكان من السباقين إلى الدعوة بالقومية العربية ، والتحرك ضد كل أشكال الظلم والاستبداد والتخلف .

 

متى يعلنون وفاة العرب

 

أحاولُ منذ الطُفولةِ رسْم بلاد

تُسمّى – مجازا – بلادَ العَرَب

تُسامحُني إن كسرتُ زُجاجَ القمر

وتشكرُني إن كتبتُ قصيدةَ حب

وتسمحُ لي أن أمارسَ فعْلَ الهوى

ككلّ العصافير فوق الشجر

أحاول رسم بلاد

تُعلّمني أن أكونَ على مستوى العشْقِ دوما

فأفرشَ تحتكِ ، صيفا ، عباءةَ حبي

وأعصرَ ثوبكِ عند هُطول المطر

أحاولُ رسْمَ بلاد

لها برلمانٌ من الياسَمين

وشعبٌ رقيق من الياسَمين

تنامُ حمائمُها فوق رأسي

وتبكي مآذنُها في عيوني

أحاول رسم بلادٍ تكون صديقةَ شِعْري

ولا تتدخلُ بيني وبين ظُنوني

ولا يتجولُ فيها العساكرُ فوق جبيني

أحاولُ رسْمَ بلاد

تُكافئني إن كتبتُ قصيدةَ شِعْر

وتصفَحُ عني ، إذا فاض نهرُ جنوني

هوامش على دفتر النكسة

 

يا وطني الحزين

حوّلتَني بلحظة

من شاعرٍ يكتبُ الحبَّ والحنين

لشاعرٍ يكتبُ بالسكين

لأنَّ ما نحسّهُ أكبرُ من أوراقنا

لا بدَّ أن نخجلَ من أشعارنا

إذا خسرنا الحربَ لا غرابة

لأننا ندخُلها

بكلِّ ما يملكُ الشرقيُّ من مواهبِ الخطابة

بالعنترياتِ التي ما قتلت ذبابة

لأننا ندخلها

بمنطقِ الطبلةِ والربابة

السرُّ في مأساتنا

صراخنا أضخمُ من أصواتنا

وسيفُنا أطولُ من قاماتنا

خلاصةُ القضيّة

توجزُ في عبارة

لقد لبسنا قشرةَ الحضارة

والروحُ جاهليّة

بالنّايِ والمزمار

لا يحدثُ انتصار

ما دخلَ اليهودُ من حدودِنا

وإنما

تسرّبوا كالنملِ.. من عيوبنا

جلودُنا ميتةُ الإحساس

أرواحُنا تشكو منَ الإفلاس

أيامنا تدورُ بين الزارِ، والشطرنجِ، والنعاس

هل نحنُ “خيرُ أمةٍ قد أخرجت للناس” ؟

ورقة إلى القارئ

 

أنا لبلادي … لنجماتها

لغيماتها …للشذا …للندى

سفحت قواوير لوني نهورا

على وطني الأخضر المفتدى

ونتفت في الجو ريشي صعودا

ومن شرف الفكر أن يصعدا

تخليتُ حتى جعلت العطور

ترى ويشم اهتزاز الصدى

بأعراقي الحمر إمرأة

تسير معي في مطاوي الردى

تفح وتنفخ في أعظمي

فتجعل من رئتي موقدا

هو الجنس أحمل في جوهري

هيولاه ما شاطىء المبتدا

بتركيب جسمي جوع ٌ يحن

لأخر….جوع يمد اليدا

طريق واحد

 

أريدُ بندقيّة

خاتمُ أمّي بعتهُ

من أجلِ بندقية

محفظتي رهنتُها

من أجلِ بندقية

اللغةُ التي بها درسنا

الكتبُ التي بها قرأنا

قصائدُ الشعرِ التي حفظنا

ليست تساوي درهما

أمامَ بندقية

أصبحَ عندي الآنَ بندقية

إلى فلسطينَ خذوني معكم

إلى القبابِ الخضرِ.. والحجارةِ النبيّة

عشرونَ عاما.. وأنا

أبحثُ عن أرضٍ وعن هويّة

أبحثُ عن بيتي الذي هناك

عن وطني المحاطِ بالأسلاك

أبحثُ عن طفولتي

وعن رفاقِ حارتي

عن كتبي.. عن صوري..

عن كلِّ ركنٍ دافئٍ.. وكلِّ مزهريّة

عن كلِّ ركنٍ دافئٍ.. وكلِّ مزهريّة

إلى فلسطينَ خذوني معكم

يا أيّها الرجال

أريدُ أن أعيشَ أو أموتَ كالرجال

أريدُ أن أنبتَ في ترابها

زيتونة ، أو حقلَ برتقال

 

يا ست الدنيا يا بيروت

 

يا ستَّ الدنيا يا بيروت

مَنْ باعَ أسواركِ المشغولةَ بالياقوت ؟

من صادَ خاتمكِ السّحري

وقصَّ ضفائركِ الذهبيّة ؟

من ذبحَ الفرحَ النائمَ في عينيكِ الخضرواين ؟

من شطبَ وجهكِ بالسكين

وألقى ماءَ النارِ على شفتيكِ الرائعتين ؟

من سمّمَ ماءَ البحرِ ، ورشَّ الحقدَ على الشطآنِ الورديّة ؟

ها نحنُ أتينا.. معتذرينَ.. ومعترفين

أنّا أطلقنا النارَ عليكِ بروحٍ قبليّة

فقتلنا امرأة.. كانت تُدعى (الحرية)

ماذا نتكلّمُ يا بيروت

وفي عينيكِ خلاصةُ حزنِ البشريّة

وعلى نهديكِ المحترقين رمادُ الحربِ الأهليّة

ماذا نتكلّمُ يا مروحةَ الصّيفِ ، ويا وردتَهُ الجورية ؟

من كانَ يفكّر أن نتلاقى – يا بيروتُ – وأنتِ خراب ؟

من كانَ يفكّر أن تنمو للوردةِ آلافُ الأنياب ؟

من كانَ يفكّر أنَّ العينَ تقاتلُ في يومٍ ضدَّ الأهداب ؟

ماذا نتكلّم يا لؤلؤتي ؟

يا سنبلتي..

يا أقلامي..

يا أحلامي..

يا أوراقي الشعريّة

من أينَ أتتكِ القسوةُ يا بيروت

وكنتِ برقّةِ حورية ؟

لا أفهمُ كيف انقلبَ العصفورُ الدوري

لقطّةِ ليلٍ وحشيّة

لا أفهمُ أبداً يا بيروت

لا أفهمُ كيف نسيتِ الله

وعُدتِ لعصرِ الوثنيّة

مصادر :

– الأعمال السياسية الكاملة ( نزار قباني ) .

عن Amjad Bora