الإثنين 22 أبريل 2024

بحث و معلومات عن الشاعر معروف الرصافي : شاعر البؤساء الثائر

تم التحديث في: 2022-04-30

نطير بكم اليوم إلى بلد العراق لملاقاة شخصية فريدة من نوعها ، محلل اجتماعي وسياسي يضع واقع الشعوب أمام المرآة من دون مواد تجميلية ، فنان بأسلوبه الساخر ، قوي بكلماته الموجعة ، نستقبل اليوم الشاعر معروف الرصافي .

 

تعريف الشاعر معروف الرصافي

ولد معروف الرصافي ببغداد سنة 1875 ، من أب كردي النسب وأم تركمانية ، ونشأ في الجانب الشرقي من بغداد يعرف بالرصافة ، وإليه نسبته .

تلقى دروسه الابتدائية في الكتاتيب ثم في المدرسة الرشدية العسكرية ، ولم يحرز شهادتها بل تركها وتتلمذ على يد الشيخ محمود شكري الآلوسي ، وهو الذي قال له : ” سيكون لك يا معروف شأن فيما بعد . فإن كانت الكرخ تفتخر بمعروف الكرخي فما أحرى الرصافة بأن تفتخر بمعروف الرصافي . “

شغل معروف الرصافي عدة وظائف ، فقد دُعي إلى الآستانة لتدريس العربية في المدرسة الملكية الشاهانية ، وللإسهام في تحرير مجلة ” الإرشاد ” ، وانتخب نائبا عن لواء المنتفق في مجلس المبعوثان العثماني ، ثم عهد إليه بتدريس الخطابة في مدرسة الواعظين التابعة لوزارة الأوقاف .

ولما انتهت الحرب العالمية الأولى سنة 1918 عزم على العودة إلى العراق ، فتوجه إلى دمشق ولبث فيها نحو سبعة أشهر ، ومنها استدعاه أحد أصدقائه إلى القدس لتدريس علوم اللغة العربية في دار المعلمين .

ولما قامت الحكومة العراقية المؤقتة في العراق سنة 1921 دعى الرصافي إلى وطنه ليساهم بعقله وفضله وجهاده في نهضة وطنه فلبى الدعوة واستقبل في وطنه استقبالا رائعا فخاض في السياسة عنيفا ثم اعتزلها .

 

وفاة الشاعر معروف الرصافي

 

ظل معروف الرصافي يشغل وظائف عدة ، فقد عمل بسلك التفتيش للمعلمين ببغداد ، وأصدر جريدة يومية اسمها ” الأمل ” ، وفي سنة 1930 انتخب نائبا عن الأمة في المجلس النيابي العراقي الذي عرضت عليه المعاهدة الإنكليزية ، فكان الرصافي من معارضيها .

وكان قد غادر العاصمة إلى الفلوجة واتخذها دار إقامة ، فقدم له صديقه الحميم ( السيد عبد العزيز آل عريم ) دارا جميلة تطل على الفرات ، وقد بقي هناك موفور الكرامة يحج إليه أهل الأدب والمعجبون به في أنحاء العراق . وهناك ألف كتابه ( الشخصية المحمدية ) .

وفي منتصف سنة 1941 غادر الرصافي الفلوجة إلى بغداد فسكن دار الأعظمية في شارع رحب جميل ، وقد عانى من الفقر والحاجة ، لكن الأيادي المحسنة كانت دائما تلتف حوله وتحفظ كرامته ووزنه الثقيل في سماء العروبة والشعر العربي ، وظل هكذا إلى أن وافته المنية ببيته ببغداد سنة 1945 .

مؤلفات الشاعر معروف الرصافي

 

خلّف الرصافي آثارا كثيرة في النثر والشعر واللغة والأدب منها :

1 – الأناشيد الوطنية : طائفة من الأناشيد الوطنية والأدبية نظمها الشاعر لطلاب المدارس .

2 – نفح الطيب في الخطابة والخطيب : مجموعة محاضرات ألقاها على طلبة مدرسة الواعظين في الآستانة .

3 – دروس في آداب اللغة العربية : محاضرات ألقاها في دار المعلمين العالية ببغداد .

4 – رسائل التعليقات : في نقد كتاب ” النثر الفني ” وكتاب ” التصوف الإسلامي ” لزكي مبارك وفيه معالجة لقضايا دينية أحدثت ضجة في العالم الإسلامي .

5 – على باب سجن أبي العلاء : فيه رد على طه حسين في كتابه ” مع أبي العلاء ” .

6 – تمائم التربية والتعليم ( شعر ) .

7 – الرؤيا : رواية للأديب التركي ناصف كمال نقلها الرصافي إلى العربية .

8 – ديوان الرصافي : يعرف ” بالرصافيات ” تولى طبعه وتبويب قصائده وتفسير غريبها محيي الدين الخياط ومصطفى الغلاييني .

 

معروف الرصافي شاعر البؤساء

 

لطالما حاول الرصافي في شعره أن يشارك آلام مجتمعه ، ويحارب كل ما من شأنه أن يعيق تقدمه ورقيه ، فعالج موضوعات : حرية الرأي ، نشر العلم والقضاء على الجهل ، تحرير المرأة ، إنصاف الطبقة البائسة ، نبذ الجبن والتخاذل … حتى لقب ” بشاعر البؤساء ” .

يقول الرصافي مشجعا في طلب العلم :

بالعلم تنتظم البلاد فإنه *  لرقي كل مدينة مرقاة

ويقول أيضا :

إذا ما عقّ موطنهم أناس  *  ولم يبنوا به للعلم دورا

فإن ثيابهم أكفان موتى  *  وليس بيوتهم إلا قبورا

ويقول داعيا إلى تحرير المرأة :

ألم نر في الحسان الغيد قبلا  *  أوانسَ كاتبات شاعرات

وقد كانت نساء القوم قدما  *  يرُحْنَ إلى الحروب مع الغزاة

يكنَّ لهم على الأعداء عونا  *  ويضمِدن الجروح الداميات

لئن وأدوا البنات فقد قبرنا  *  جميع نسائنا قبل الممات

حجبناهن عن طَلب المعالي  *  فعشن بجهلهنَّ مهتّكات

وما ضر العفيفة كشفُ وجه  *  بدا بين الأعفّاء الأباة

يقول في أرملة مرضعة :

لَقِيتُها لَيْتَنِـي مَا كُنْتُ أَلْقَاهَـا  *  تَمْشِي وَقَدْ أَثْقَلَ الإمْلاقُ مَمْشَاهَـا

أَثْوَابُـهَا رَثَّـةٌ والرِّجْلُ حَافِيَـةٌ  *  وَالدَّمْعُ تَذْرِفُهُ في الخَدِّ عَيْنَاهَـا

بَكَتْ مِنَ الفَقْرِ فَاحْمَرَّتْ مَدَامِعُهَا  *  وَاصْفَرَّ كَالوَرْسِ مِنْ جُوعٍ مُحَيَّاهَـا

مَاتَ الذي كَانَ يَحْمِيهَا وَيُسْعِدُهَا  *  فَالدَّهْرُ مِنْ بَعْدِهِ بِالفَقْرِ أَشْقَاهَـا

المَوْتُ أَفْجَعَهَـا وَالفَقْرُ أَوْجَعَهَا  *  وَالهَمُّ أَنْحَلَهَا وَالغَمُّ أَضْنَاهَـا

فَمَنْظَرُ الحُزْنِ مَشْهُودٌ بِمَنْظَرِهَـا  *  وَالبُؤْسُ مَرْآهُ مَقْرُونٌ بِمَرْآهَـا

 

أشعار معروف الرصافي

 

لعمرُكَ ما كل انكسار له جبر  *  ولا كل سر يستطاع به الجهر

لقد ضربت كفّ الحياة على الحِجا  *  ستاراً فعِلم القوم في كنهها نزر

فقمنا جميعا من وراء ستارها  *  نقول بشوق ما وراءك يا ستر

***

وما الناس إلا خادع أدرك المنى  *  وآخر مخدوع لها غير مدرك

***

لو قاس كل فتى سواه بنفسه  *  فما أراد ، لما تعادى اثنان

لو أخلص الإنسان في إحسانه  *  لم يرجُ أن يُجزى على الإحسان

***

فاقتصد في موارد العيش فلسا  *  كل يوم من طائل النفقات

واجعل الفلس فوق الفلس تجده  *  بعد حين عونا على الأزمات

***

يعيش الناس في حال اجتماع  *  فتحدُث بينهم طرق انتفاع

وتكثُر للتعاوُن والتفادي  *  على الأيام بينهم الدواعي

ولو ساروا على طرق انفراد  *  لما كانوا سوى هَمَجَ رعاع

وإن صَفِرت يدٌ من رَيْع زرع  *  أعيد ثراؤها بيد صناع

بذاك قضى اجتماع الناس لمّا  *  أن اعتصموا بحبل الاجتماع

يساند بعضهم في العيش بعضا  *  مساندة ارتفاق وانتفاع

ولم يَصْلُح فساد الناس إلا  *  بمال من مكاسبهم مُشاع

تشاد به الملاجىء لليتامى  *  وتُمتار المطاعم للجياع

***

أيها الناظر ذا الفقـ  *  ـر بعين الازدراء

كن إذا كنت غنيا  *  راحما  للفقراء

أنت لـولاهــم لمـــا أصـ  *  بحت بعض الأغنياء

إنّ أهل الفقر يشقو  *  ن لأرباب الثراء

إنهم يسعون للمث  *  رين سعي الأجراء

إنهـم قـد مهنوا النـا  *  س بكد ، وعناء

مراجع ومصادر :

– تاريخ الأدب العربي الحديث ( حنا الفاخوري ) .

– معروف الرصافي ( بدوي أحمد طبانة ) .

عن Amjad Bora