الجمعة 19 أبريل 2024

مقدمة و بحث عن الشعر العربي : سحر ديوان العرب

تم التحديث في: 2022-04-30

من منا لم يفخر بلغته وهو يقرأ قول المتنبي :

الخيل والليل والبيداء تعرفني       والسيف والرمح والقرطاس والقلم

وهاهي أم كلثوم تردد في فنيات الزمن الجميل :

أراك عصي الدمع شيمتك الصبر         أما للهوى عليك نهي ولا أمر

أم ترى إلى امرئ القيس وهو يدوي مرددا :

مكر مفر مقبل مدبر معا       كجلمود صخر حطه السيل من عل

إنه مفخرة الأزمنة وورث الأجداد  . الشعر العربي الخالد .

تعريف الشعر العربي

 

لقد سبق في حديثنا عن الأدب العربي أنه صورة من صور الحياة حيث يعبر فيها الأديب عن أفكاره وعواطفه فينتج عن ذلك روائع خالدة من الكلمات المنسابة الجميلة ، وقلنا أن الكلام الأدبي كله يصاغ في بوثقتين اثنثين ، إما أن يكون أبيات منسابة منظومة فيكون شعرا ، وإما أن يتدفق في خط متناسق متناغم فيكون قولا منثورا . وبتعبير متخصص أكثر :

تعبير عن العواطف والانفعالات = شعر

تعبير عن الأفكار = نثر

وبما أن الشعر من رحم الأدب وهذا الأخير من رحم الأم لغة الضاد والتي أشرنا إلى أنها تتميز بالمرونة والتكيف مع تطورات الحضارة ، فكذلك الشعر ، فهو ليس منوط بتعريف ثابت جامد ، بل هو مرن يتكيف بتغير الشعراء وبيئتهم وشخصيتهم .

يمكننا أن نصل إذن إلى أن الشعر صورة من صور الحياة يعبر فيها الشاعر عن أفكاره وعواطفه وفق المتغيرات الزمانية والظروف الاجتماعية والبيئية ، ويرسم ذلك في صورة تدعى قصيدة .

 

أقسام الشعر العربي

 

الشعر الغنائي : وهو الشعر الذي يتغنى فيه ناظمه بعواطفه الذاتية وهو شعر الأدب العربي القديم في معظمه .

الشعر الملحمي : الشعر الذي يصف البطولات الحربية في قصائد طويلة تتغنى بأمجاد الأمة وأبطالها .

الشعر المسرحي : وهو الذي تنظم فيه الرواية الممثلة على المسرح فيعبر به المتحاورون في تلك الرواية عن أغراضهم كمسرحية مجنون ليلى للشاعر أحمد شوقي .

الشعر التعليمي : وهو الذي يقصد به الشاعر إلى التوجيه الأخلاقي وبث الحكم والمواعظ والنفوس .

عصور الشعر العربي

 

طبعا كيف نفتي والدكتور الكبير شوقي ضيف موجود وكتبه من بين أهم مصادر الأدب ، وعليه فإن تقسيمي سيكون وفق منهجه مع تصرف جد بسيط مني :

باختصار شديد وكما أسلفنا في موضوعنا مقدمة وبحث عن الأدب العربي فإن عصور الشعر العربي تمُتّ بالأصل إلى عصور الأدب عامة وبالتالي سيكون لدينا :

1 – العصر الجاهلي

2 – العهد الاسلامي ( الراشدي )

3 – العهد الأموي

4 – العهد العباسي

5 – العهد العثماني

6 – العهد الحديث

وقد استقر رأي المؤرخين على أن الأدب عموما و الشعر العربي خاصة عرف ثلاث نهضات مهمة ومؤثرة :

1 – النهضة الجاهلية والأموية وبدأت في الجاهلية سنة 532 م وتطورت بعد نزول القرآن الكريم والذي يعد موروثا غنيا ومتكاملا بمفردات الكلِم وضروب البلاغة ، كما ساهمت الفتوحات الإسلامية والاحتكاك بالحضارتين الرومية والفارسية بتطور هذه النهضة .

2 – النهضة العباسية وكان لاحتكاك العرب واختلاطهم بباقي الحضارات تأثيرا كبيرا ، فلقد فُتح الباب على مصراعيه أمام امتزاج الثقافات والفكر والإبداع ، ولعبت الترجمة دورا بارزا في نقل فلسفة وتاريخ مختلف الأقاليم والبلدان والحضارات مما أكسب هذه النهضة ارتقاء واسعا ساهم في إثراء خزينة الأدب العربي .

3 – النهضة الحديثة وهي نتاج احتكاك الشرق بالغرب ..هذا الاحتكاك الذي فتح أعين مرآة الأدب العربي على كل حديث متجدد فأضحى ينافس الآداب العالمية في شتى الميادين ، ناشدا التميز والتكامل .

 

الشعر ديوان العرب

 

فهو المرآة التاريخية وبمثابة وسائل الإعلام في وقتنا الحاضر ، فمن وصف لتاريخ القبيلة إلى التغني بجمال المعشوقة ، ومن براعة في تصوير الطبيعة والتقلبات المناخية إلى وصف الحروب وعادات الملوك .

إنه كنز يحوي في صندوقه حكايات متناغمة .

– حكاية حب التسلط والبقاء .

– حكاية الأنفة والاعتزاز بالنفس

– حكاية العشق والهيام بالمحبوبة .

– حكاية البداوة والبساطة .

– حكاية الترف واللهو والمجون

– حكاية الزهد والتصوف

– حكاية الوعي والانفتاح

 

أغراض الشعر العربي

 

الهجاء وهو ذكر مساوئ المرء ونواقصه ، وقد كان لظهور هذا الفن دواعي حربية وقبلية ، ويعتبر سلاحا خطيرا لمن أتقن هذا الفن وجادت قريحته بأبيات تسقط خصومه صرعى .

 – المديح وهو ذكر محاسن المرء ومثالبه .

الفخر وهو شعر الحماسة حيث يفخر المرء بنسبه وحسبه وقبيلته ، والفخر في الحقيقة هو المديح نفسه ، ولكن الشاعر يخص نفسه وقومه .

 – الرثاء وهو تجسيد البكاء والحزن على الميت في أبيات مرصعة ببليغ الكلمات المعظّمة للميت .

الغزل وهو التغني بجمال المحبوبة والبوح بخلجات العشق والاشتياق .

 

فنون مستحدثة في الشعر العربي

 

الموشح وهو فن شعري استحدثه الأندلسيون لما طغى تنميق الشعر والغناء في ذلك العصر ، ويتميز شعر الموشحات بسهولته وبساطته .

الدوبيت وهو فن شعري مستحدث ومأخوذ عن الحضارة الفارسية ويتكون هذا الاسم من كلمتين ، إحداهما فارسية وهي دو بمعنى اثنين ، والأخرى بيت وهي عربية ، أي أن الدوبيت فن يقوم على نمط لا يتجاوز بيتين اثنين ، وأهم رواد هذا الفن صاحب الرباعيات عمر الخيام .

المواليا وهو فن يدخل في الشعر العامي ويرجع تاريخه لنكبة البرامكة في عهد هارون الرشيد حيث كانت الجواري يقلن شعرا ويرددن كلمة مواليا عند نهاية كل شطر ، وأصبح محطة للغناء والألحان .

الزجل وهو أحد الفنون الشعرية الشعبية إن صح التعبير يعتمد فيه صاحبه على الارتجال والإكثار من بديع الألفاظ وغريبها .

علم العروض

وهو العلم الذي يعنى بترتيب الشعر وضبط أوزانه وبالتالي معرفة الجيد من القبيح ، ويرجع وضع هذا العلم إلى صاحبه الخليل بن أحمد الفراهيدي معلم سيبويه .

بحور الشعر العربي

بحر القصيدة الشعرية هو الوزن الذي تجري عليه وسمي بحرا لأنه يسع الأبيات بشكل لا متناهي ، مثلما لا ينفد ماء البحر مهما غرفت منه ، وتنقسم هذه البحور إلى :

بحر الطويل – بحر المديد – بحر البسيط – بحر الوافر – بحر الكامل – بحر الهزج – بحر الرجز – بحر الرمل – بحر السريع – بحر المنسرح – بحر الخفيف – بحر المضارع – بحر المقتضب – بحر المجتث – بحر المتقارب – بحر المتدارك .

ولقد خصصنا لها موضوعا منفصلا لوحده .

كخاتمة لموضوعنا فإن الشعر العربي يعتبر ديوانا بحق ضم موروثا غنيا من الوقائع التاريخية ، والقصص التراثية ، كما كان سوقا لبديع الكلمات المرصعة ومكسبا لأصحاب الحرفة .

وكان للقبيلة سلاحا تذوذ به عن حماها ، وفخرا ترفع به رأسها ، وأُنسا تزهى به مجالسها ، كما أثرى الخزينة العربية بكم هائل من العبارات والصيغ بسبب الانفتاح على الحضارات .

وها نحن في العصر الحديث نطالع بقايا قصائد مشتتة هنا وهنالك ، بل صرنا نرى انتشارا للكلمات التسويقية الغنائية ، والتي لا تحترم لغة ولا تلتزم بقوانين القصيدة العربية ..اللهم بعض الاجتهادات المحسوبة ، والدواوين المعدودة التي يحرص أصحابها على إعادة إحياء أيام سوق عكاظ والتغني بروائع كلمات لغتنا السمحة .

هكذا كان الشعراء يتنافسون فيما بينهم في نظم أبهى القصائد وخلق أجمل الأبيات ويحتكمون لأنبغهم فيعطي لكل شاعر قدره . 

ونتج عن ذلك ظهور عمالقة تركوا قصائد تشهد على عبقريتهم . إنه ديوان العرب ، أحد فروع الأدب العربي ، ولؤلؤة من بحر لغة الضاد الواسع .

عن Amjad Bora