من أعظم الصفات التي حرص الشعراء العرب على التحلي بها ، والتغني بصاحبها ، وهو العفو ، فهو خلق كريم يرقى بالمرء إلى سماء الفضيلة والشموخ وحسن الخلق ، ولقد اخترنا لكم في موضوع اليوم أجمل أبيات شعر عن التسامح والعفو ، نرجو أن تحوز على إعجابكم .
أبيات شعر عن التسامح ( 1 )
قال الإمام الشافعي :
لما عفوت ولم أحقدْ على أحد * أرحتُ نفسي من هَمِّ العداواتِ
إِني أُحَيِّ عدوي عند رؤيتِه * لأدفعَ الشر عني بالتحياتِ
وأظهرُ البشر للإنسان أبغضه * كأنما قد حَشى قلبي محباتِ
الناسُ داءٌ ودواءُ الناس قُرْبُهم * وفي اعتزالهمُ قطعُ الموداتِ
قال المعري :
إذا عثرَ القومُ فاغفرْ لهم * فأقدامُ كل فريق عُثر
وقال أيضا :
إِذا عفْوتَ عن الإِنسانِ سيئة * فلا تروِّعهُ تأنيبا وتَقْريعا
قال أبو العتاهية :
خليليَّ إِن لم يغتفرْ كُلُّ واحد * عثارَ أخيه منكما فترافضا
وما يلبثُ الحيانِ إِن لم يجوِّزوا * كثيرا من المكروه أن يتباغضا
خليلي بابُ الفَضْل أن تتواهبا * كما أن بابَ النصِ أن تتعارضا
من محاسن العفو أن الخليفة العباسي المأمون ظفر برجل كان يطلبه فلما دخل عليه أمر بضرب عنقه فقال الرجل : دعني يا أمير المؤمنين أنشدك أبياتا فقال :
زَعَموا بأن البازَ علقَ مرة * عصفورَ برً ساقَه المقدور
فتكلمَ العصفورُ تحتَ جناحِه * والبازُ منقضٌ عليه يطير
ما بي لما يغني لمثلِكَ شبعة * ولئن أكلتُ فإِنني لحقير
فتبسم البازُ المُدِلُّ بنفسِه * كَرَما وأطلق ذلك العصفور
فأطلقه المأمون وخلع عليه ووصله .
أبيات شعر عن التسامح ( 2 )
قال أبو الفتح البستي :
خُذِ العفوَ وأمرْ بعرفٍ كم * أمرتَ وأعرضْ عن الجاهلين
ولِن في الكلامِ لكل الأنامِ * فمستحسنٌ من ذوي الجاهِ لين
قال ابن نباتة :
والصفحُ لا يحسنُ عن محسن * وإِنما يَحْسُنُ عن جاني
قال ابن رشيق :
خذِ العفوَ وائبَ الضيمَ واجتنبِ الأذى * واغضِ تَسُدْ وارفقْ تنلْ واسخُ تحمدِ
وقال آخر :
ألا إِن خيرَ العَفْوِ عفوٌ معجلٌ * وشَرُّ العقابِ ما يجاز به القدْرُ
قال ابن المقري :
وإِن أَوْلىَ الورى بالعفوِ أقدرُهم * على العقوبةِ إِن يظفرْ بذي زَللِ
والحلمُ طبعٌ فلا كسبٌ يجودُ به * لقوله ” خُلِقَ الإِنسانُ من عَجَلِ “
قال الصبوري :
يستوجبُ العفوَ الفتى إِذا اعترف * وتابَ مما قد جَنَاه واقترف
لقوله ” قلْ للذين كفروا * ” إِن ينتهوا يُغفرْ لهم ماقد سَلفْ “
قال الأستجي :
إِذا كنْت لا أعفو عن الذنبِ من أخ * وقلت أكافيه فأينَ التفاضلُ
ولكنني أغضي جفوني على القَذَى * وأصفحُ عما رابني وأجاملُ
متى أقطعُ الإِخوانَ في كُلِّ عثرة * بقيتُ وحيدا ليس لي من أواصلُ
ولكن أداريهِ ، فإِن صحَّ سرَّني * وإِن هو أعيا كان عنه التجاهُلُ
أبيات شعر عن التسامح ( 3 )
قال الموصلي :
ما أحسنَ العفوَ عفوٌ بعد مقدرة * عن أقبحِ الذنبِ كفرٍ بعد إِيمانِ
قال الكريزي :
سألزمُ نفسي الصفحَ عن كل مذنب * وإِن كثرَتْ منه إِليَّ الجرائمُ
فما الناسُ إِلا واحدٌ من ثلاثة * شريفٌ ومشروفٌ ومثلٌ مقاومُ
فأما الذي فوقي : فأعرفُ فضله * وأتبعُ فيه الحقَّ والحقُّ لازمُ
وأما الذي دوني : فإِن قال صُنْتُ عن * إِجابته عِرضي وإِن لامَ لائمُ
وأما الذي مثلي : فإِن زلَّ أو هَفا * تفضَّلْتُ إِن الحلمَ للفضلِ حاكمُ
قال صفي الدين الحلي :
العَفوُ منك من اعتذاري أقرَبُ * والصفحُ عن زللي بحلمكَ أنسبُ
عذري صريحٌ غيرَ أني مقسمٌ * لا قُلتُ عذراً غيرَ أنّي مُذنبُ
يا من نمتُّ إلى علاهُ بأننا * في طَيّ نِعمَة ِ مُلكِهِ نَتَقَلّبُ
إني لأعجبُ من وقوعِ خطيتي * ولَئِنْ جُزيتُ بها، فذلك أعجَبُ
قال إبراهيم بن المهدي :
عفوتَ وكان العفوُ منكَ سجيةً * كما كان معقوداً بمفرقك الملكُ
فإن أنت أتممتَ الرضى فهو المنى * وإن أنت جازيتَ المسيَء فذا الهلكُ
قال علي بن الجهم :
ما أَحسَنَ العَفوَ مِنَ القادِرِ * لا سيَّما عَن غَيرِ ذي ناصِرِ
إِن كانَ لي ذَنبٌ وَلا ذَنبَ لي * فَما لَهُ غَيرُكَ مِن غافِرِ
بِحُرمَةِ الوُدِّ الَّذي بَينَنا * لا تُفسِدِ الأَوَّلَ بِالآخِرِ
مصادر :
– مجمع الحكم والأمثال في الشعر العربي ( أحمد قبش ) .