الإثنين 18 مارس 2024

قصص عن الايجابية في الاسلام : مواقف عظيمة لرجال عظماء

تم التحديث في: 2023-02-02

في موضوع اليوم ‘ قصص عن الايجابية في الاسلام ‘ ، سنعرض لكم نماذج لأناس دأبوا على العمل والنظر إلى الحياة بقلب كبير ، وعقل مستنير ينشد في الأفق الحافز والايجابية .

يتحدث رسول الله – صلى الله عليه وسلم – عن الإيجابية فيقول : ” إذا قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة فليغرسها ” ( رواه أحمد ) .

 

رجل إيجابي

تدبر في قصة الرجل الذي جاء من أقصى المدينة يسعى قال : ” يَا مُوسَى إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ ” ( القصص: 20 ) .

فكم من الجهد بُذل في زمان لم تكن وسائل المواصلات والاتصالات ميسرة وسهلة كما في أيامنا هذه ، وكم من الثمن دفع تضحية لإنقاذ حامل الحق الذي أراد أن يبلغه ، إنه الإيمان بالفكرة والدعوة والطريق .

 

حتى النملة إيجابية

 

قال تعالى : ” وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ (17) حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِ النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (18) ” ( النمل: 17 – 18 ) .

ونلاخظ إيجابية النملة في تحذير قومها من الأخطار المحيطة بهم، فهي أمرت وحذرت، واعتذرت عن سليمان وجنوده بعدم الشعور، وخاطبت أمتها بالقول السديد والرأي الرشيد، فهل فكرت يوما في تحذير قومك من مؤامرات الأعداء ؟

 

مؤمن آل فرعون

بعد أن صب فرعون بطشه على بني إسرائيل، فكر في قتل موسى ومن معه، وقامت الاجتماعات، وعقدت المؤتمرات، وبينما هم يتشاورون إذا برجل منهم، كان يكتم إيمانه بموسى من قبل، فلما رأى تآمرهم على قتل موسى، ضاق ذرعا :

” وَقَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ وَإِنْ يَكُ كَاذِبًا فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِنْ يَكُ صَادِقًا يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ ” ( غافر: 28 ) .

أقام مؤمن آل فرعون الحجة على فرعون وجنوده، بأحلى عبارة، وأجمل إشارة، وفي النهاية يفوض أمره إلى الله البصير بعباده، وهذه هي الإيجابية، الإعلان عن كلمة الحق في وقتها .

 

موقف بطولي ( 1 )

 

في موقعة القادسية أسرع القعقاع بن عمرو – رضي الله عنه – حتى قدم بهم على جيش القادسية صبيحة يوم أغواث، وكان أثناء قدومه قد فكر بعمل يرفع به معنويات المسلمين، فقسم جيشه إلى مائة قسم، كل قسم مكون من عشرة، وأمرهم بأن يقدموا تباعا كلما غاب منهم عشرة عن مدى إدراك البصر، سرحوا خلفهم عشرة .

فقدم هو في العشرة الأوائل وصاروا يقدمون تباعا كلما سرح القعقاع بصره في الأفق فأبصر طائفة منهم كبر فكبر المسلمون، ونشطوا في قتال أعدائهم .

وهذه خطة حربية ناجحة لرفع معنويات المقاتلين، فإن وصول ألف لا يعني مددا كبيرا لجيش يبلغ ثلاثين ألف، ولكن هذا الابتكار الذي هدى الله القعقاع إليه قد عوض نقص هذا المدد بما قوي من عزيمة المسلمين، وقد بشرهم بقدوم الجنود بقوله :

يأيها الناس قد جئتكم في قوم، والله أن لو كانوا بمكانكم حسدوكم، وحاولوا أن يطيروا بها دونكم، فاصنعوا كما أصنع، فتقدم ثم نادى: من يبارز ؟

فقالوا فيه بقول أبي بكر : لا يهزم جيش فيهم مثل هذا وسكنوا إليه، فخرج إليه ذو الحاجب ( قائد من قادة الفرس ) فقال له القعقاع: من أنت ؟

 

موقف بطولي ( 2 )

 

فقال : أنا بهمن جاذويه ، وهنا تذكر القعقاع مصيبة المسلمين الكبرى وهزيمتهم يوم الجسر على يد هذا القائد فأخذته حميته الإسلامية فنادى فقال : يا لثارات أبي عبيد وسليط وأصحاب الجسر .

ولابد أن هذا القائد الفارسي بالرغم مما اشتهر به من الشجاعة قد انخلع قلبه من هذا النداء، فقد قال أبو بكر – رضي الله عنه – عن القعقاع : لصوت القعقاع في الجيش خير من ألف رجل ، فكيف سيثبت له رجل واحد مهما كان في الشجاعة وثبات القلب .

ولذلك لم يمهله القعقاع فأوقعه أمام جنده قتيلا، فكان لقتله بهذه الصورة أثر كبير في زعزعة الفرس ورفع معنويات المسلمين، لأنه كان قائدا لعشرين ألف مقاتل من الفرس، ثم نادى القعقاع مرة أخرى : من يبارز ؟

فخرج إليه رجلان ، فانضم إلى القعقاع الحارث بن ظبيان بن الحارث أخو بني تيم، وقُتل الرجلان المبارزان من الفرس على يد القعقاع والحارث، وهكذا قضى القعقاع في أول النهار على قائدين من قادة الفرس الخمسة، ولا شك أن ذلك أوقع الفرس في الحيرة والاضطراب، وساهم ذلك في تدمير معنويات أفراد الجيش الفارسي .

 

إيجابية أبي ذر ( 1 )

 

لما بلغ أبا ذر – رضي الله عنه – مبعث النبي – صلى الله عليه وسلم – بمكة قال لأخيه : اركب إلى هذا الوادي، فاعلم علم هذا الرجل الذي يزعم أنه يأتيه الخبر من السماء، فاسمع من قوله ثم ائتني به، فانطلق الآخر حتى قدم مكة، وسمع من قوله ثم رجع إلى أبي ذر فقال :

رأيته يأمر بمكارم الأخلاق وكلام ما هو بالشعر، فقال : ما شفيتني فيما أردت، فتزود وحمل قربة قديمة فيها ماء حتى قدم مكة، فأتى المسجد فالتمس النبي – صلى الله عليه وسلم – ولا يعرفه، وكره أن يسأل عنه حتى أدركه بعض الليل، فاضطجع فرآه علي فعلم أنه غريب .

فلما رآه تبعه فلم يسأل واحد منهما صاحبه عن شيء، حتى أصبح ثم احتمل قربته وزاده إلى المسجد فظل ذلك اليوم، ولا يرى النبي – صلى الله عليه وسلم – حتى أمسى فعاد إلى مضطجعه فمر به علي فقال: أما آن للرجل أن يعلم منزله ؟

فأقامه، فذهب به معه ولا يسأل واحد منهما صاحبه عن شيء، حتى إذا كان اليوم الثالث فعل مثل ذلك، فأقامه علي معه، ثم قال: ألا تحدثني ما الذي أقدمك هذا البلد ؟

 

إيجابية أبي ذر ( 2 )

 

قال : إن أعطيتني عهدا وميثاقا لترشدني فعلت، ففعل فأخبره، فقال : فإنه حق، وهو رسول الله، فإذا أصبحت فاتبعني فإن رأيت شيئا أخاف عليك قمت كأني أريق الماء، فإن مضيت فاتبعني حتى تدخل مدخلي .

ففعل فانطلق يقفوه، حتى دخل على النبي – صلى الله عليه وسلم – ودخل معه، فسمع من قوله وأسلم مكانه، فقال له النبي – صلى الله عليه وسلم -: ارجع إلى قومك فأخبرهم حتى يأتيك أمري، فقال :

والذي نفسي بيده لأصرخن بها بين ظهرانيهم، فخرج حتى أتى المسجد فنادى بأعلى صوته : أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وثار القوم فضربوه حتى أضجعوه، فأتى العباس فكب عليه فقال :

ويلكم ألستم تعلمون أنه من غفار وإن طريق تجارتكم إلى الشام عليهم ؟ فأنقذه منهم، ثم عاد من الغد لمثلها، وثاروا عليه فضربوه، فأكب عليه العباس فأنقذه ( رواه البخاري ) .

مصادر :

– موسوعة الأخلاق والزهد والرقائق ( ياسر عبد الرحمان ) .

عن Amjad Bora