حلقة جديدة من سلسلة روائع شعرية ، والتي تضم مختارات وروائع من أشعار السابقين في الشعر ورواده ، والوقفة اليوم مع روائع أمير الشعراء أحمد شوقي في الحب والغزل .
تأتي الدلال سجية
تأتي الدلال سجية وتصنعا * وأَراك في حالَيْ دَلالِكَ مُبْدِعا
تهْ كيف شئت ؛ فما الجمالُ بحاكم * حتى يُطاع على الدلال ويُسْمَعا
لك أن يروعك الوشاة ُ من الهوى * وعليّ أَن أَهوى الغزالَ مُروَّعا
قالوا: لقد سَمع الغزالُ لمن وشَى * وأقول : ما سمع الغزالُ ، ولا وعي
أنا من يحبك في نفارك مؤنسا * ويحبُّ تيهكَ في نفاركَ مطمعا
قدّمتُ بين يديَّ أَيامَ الهوى * وجعلتُها أَملاً عليكَ مُضيَّعا
وصدقتُ في حبِّي ، فلست مُباليا * أن أمنحَ الدنيا به أو أمنعا
رُدّت الروح
رُدَّت الروحُ على المُضْنَى معكْ * أحسن الأيام يوم أرجعك
مَرَّ من بُعدِك ما رَوَّعَني * أَتُرى يا حُلْوُ بُعدي روّعك ؟
كم شكوتُ البيْن بالليل إلى * مطلع الفجر عسى أن يطلعك
وبعثتُ الشوقَ في ريح الصَّبا * فشكا الحرقة مما استودعك
يا نعيمي وعذابي في الهوى * بعذولي في الهوى ما جَمعَك ؟
أَنت روحي ظَلَم الواشي الذي * زَعَم القلبَ سَلا، أَو ضيَّعك
مَوْقِعي عندَك لا أَعلمُه * آهِ لو تعلمُ عندي موقِعَك !
أَرْجَفوا أَنك شاكٍ مُوجَع * ليت لي فوق الضَّنا ما أوجعك
نامت الأعين ، إلا مقلة * تسكُب الدمعَ ، وترعى مضجَعك
لا والقوام الذي
لا والقوامِ الَّذي ، والأَعينِ اللاتي * ما خُنْتُ رَبَّ القَنا والمُشْرَفيَّاتِ
ولا سلوتُ ، ولم أهممْ ، ولا خطرتْ * بالبالِ سَلْوَاكِ في ماضٍ ولا آت
وخاتَمُ الملكِ للحاجات مُطَّلَب * وثَغْرُكِ المتمنَّى كلُّ حاجاتي
يا ناعما رقدت جفونه
يا ناعما رقدت جُفونُه * مضناك لا تهدا شجونه
حملَ الهوى لك كلَّه * إن لم تعنه فمنْ يعينه ؟
عُدْ مُنعِما ، أَو لا تَعُدْ * أَوْدَعْتَ سرَّكَ مَن يصُونُه
بيني وبيكَ في الهوى * سبب سيجمعنا متينه
رشأ يعابُ الساحرو * ن وسحرهم ، إلا جفونه
الروحُ مِلْكُ يمينه * يَفديه ما مَلَكَتْ يَمِينه
ما البانُ إلاَّ قدُّه * لو تيمتْ قلباً غصونه
ويزين كلَّ يتيمة * فمُه ، وتحسبُهَا تَزينُه
ما العمرُ إلا ليلة * كان الصباح لها جبينه
بات الغرامُ يَديننا * فيها كما بتنا ندينه
بين الرقيب وبيننا * واد تباعدُه حزونُه
تغتابه ونقول : لا * بَقِي الرقيبُ ولا عيونُه
يا ويح أهلي
يا ويح أهلي أبلى بين أعينهم * ويدرج الموت في جسمي وأعضائي
وينظرون لجنب لا هدوء له * على الفراش ولا يدرون ما دائي
نظرة فابتسامة
خَدَعوها بقولهم حَسْناءُ * والغَواني يَغُرٌهُنَّ الثناء
أَتراها تنـاست اسمي لمـا * كثرت في غرامها الأسْماء
إن رَأَْتْنِي تميلُ عني ، كأن لم * تك بـيني وبيـنهـا اشْـياء
نظرة ، فابتسامة ، فسلامُ * فكلام ، فموعد ، فلقاء
ففراق يكون فيه دواء * أو فراق يكون فيه الداء
يوم كنا ولا تسل كيف كنا * نتهادى من الهـوى ما نشاء
وعلينا من العفاف رقيبُ * تعبت في مراسه الأهواء
جَاذَبَتْني ثَوبي العَصـيِّ وقالت * أنتم الناس أيها الشعراء
فَاتّقوا الله في قُلوبِ اَلْعَذَارَى * فالعذارى قـُلوبهن هَـواء
طرقت حماها
وليل كأن الحشر مطلع فجره * تراءت دموعى فيه سابقة الفجر
سريت به طيفـا إلى من أحبها * وهل بالسهى فى حالة السقم من نكر
طرقت حماها بعد ما هب أهلها * أخوض غمار الظن والنظر الشزر
فما راعني إلا نساء لقينني * يبالغن فى زجري ويسرفن فى نهري
يقلن لمن أهوى وآنسن ريبة * نرى حالة بين الصبابة والسحر
إليكن جارات الحمى عن ملامتي * وذرن قضاء الله في خلقه يجري
وأحرجني دمعي فلما زجرته * رددت قلوب العاذلات إلى العذر
مصادر :
– ديوان الشوقيات ( أحمد شوقي ) .
– أحمد شوقي ( زكي مبارك ) .